الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونثني عليه الخير كله، ونشكره ولا نكفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، الذي بعثه الله رحمة للعالمين وحجة على الناس أجمعين، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فصلى الله عليه وسلم وبارك، وعلى آله ومن دعا بدعوته وعمل بسنته ونصح لأمته إلى يوم الدين.
أما بعد: فلماذا نتحدث عن المستقبل لهذا الدين ونحن نرى الواقع لهذا الدين؟ بل نحن نعيش فترة هذا الدين، فبالله هل في مثل هذه الفترة العصيبة من فترات التاريخ يرى أحد مثل تلك الجموع من الشباب -والحمد لله- قد امتلأت بهم المساجد ودروس العلم؟! إذاً هذا الواقع يغنينا عن الحديث أو عن أن نقول: إن المستقبل لهذا الدين بل نقول: الواقع أن الأمة تعيش فترة من أحسن فترات حياتها والحمد لله رب العالمين.
والعجيب أن هذه الفترة جاءت في وقت كانت التخمينات وكانت التقارير وكانت التحريات تزعم أن هذا الدين سوف يودع الحياة بعد فترة قليلة من الزمان، ولم يبق إلا رجال معدودون بالأصابع ثم ينتهي هذا الدين من هذه الحياة، هكذا يقول أعداء الإسلام، ولربما يصدقهم ضعاف الإيمان الذين لا يقرءون القرآن، أو يقرءونه بحيث لا يتجاوز حناجرهم، لكن الحقيقة أن المستقبل لهذا الدين، والواقع أن هذا الدين هو دين الحياة، وأن الله سبحانه وتعالى أظهره على الدين كله ولو كره المشركون.
من هذا المنطلق نريد أن نقارن بين نصوص وأدلة تثبت أن الخيرية في هذه الأمة إلى يوم القيامة ومع واقع لربما يجعل بعض الناس يخاف على مستقبل هذا الدين، فنقول: إن الله تعالى قد تكفل بحفظ هذا الدين إلى يوم القيامة، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:(لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك).
لكن هذه الخيرية وعلو هذا الدين كله مربوط بجهود لابد من أن يقدمها المسلمون، وذلك لا يعني أنهم إن لم يقدموا هذه الجهود أن الدين سوف يخلو من هذه الحياة وسوف يودع هذه الحياة، لا.
يقول الله عز وجل عن دوام الدين وحفظه:{وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ}[محمد:٣٨].