وهناك فرق بين من يقول: احتاج إلى أن أتأكد من تحريمه ومن يقول: إنه محرم.
لأن الله تعالى يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا}[المائدة:٨٧]، فالإنسان الذي يحرم الشيء ولم يتأكد منه أعظم جرماً ممن يفعل حراماً، فالذي يفعل حراماً فعل معصية والذي يحرم شيئاً لا يجزم بتحريمه تعدى على شرع الله تعالى وتعدى على التشريع الذي هو لله تعالى، ولكني أقول: إن الدخان قد ثبتت مضاره، فظهرت دلائل الحرمة من خلال هذه المضار، سواء في ذلك المضار الاجتماعية -فإنه لا يتعاطاه في الغالب إلا الساقط من الناس- أو الأضرار الأخلاقية -قد خربت أخلاق كثير من الشباب بشرب الدخان- أو الأضرار الصحية أيضاً، فقد ثبت طبياً بأنه ضار، ومن هنا نستطيع أن نقول: إنه محرم بمقدار ما فيه من المضار.
أما أن نقول: هو محرم لذاته فلا أحد يستطيع أن يقول: إنه محرم لذاته؛ لأن الدخان لم يرد فيه شيء من شرع الله، ولأنه من الأمور المحدثة، ولكن تحريمه معلق بالأضرار التي تترتب عليه، ولذلك فإني أصحح مفهومك -يا أخي- بأني لم أقل بأن الدخان حلال، أو أن الدخان غير محرم، ولكني أقول: أنا لا أجزم بتحريمه إلا بمقدار ما فيه من الأضرار.
فإذا ثبتت هذه الأضرار التي نسمع بها أو جزء منها فحينئذ يكون محرماً لا لذاته، وإنما لما يترتب عليه.