موقفنا منهم العداء، فهؤلاء العلمانيون هم أعداء دين الله عز وجل؛ لأنهم يريدون أن يحصروا الدين في المسجد، ولا يخرجوه للحياة، ويقولون: الدين يجب أن يبقى في المسجد، ويدير الحياة الدينية فقط، ويقال: هذا مطوع، أو هذا من رجال الدين -كما هو حال النصارى- وإلى غير ذلك.
وإذا أراد الإنسان الخروج عن هذا النطاق اعتبروه متعدياً للحدود، فهؤلاء هم أعداء الله عز وجل، وهؤلاء اتهموا دين الله بأنه دين قاصر لا يصلح للحياة، ونشأ عن ذلك شرع القوانين الوضعية التي صاروا يحكّمون فيها البشر؛ لأنهم يرون أن شرع الله لا يصلح إلا في عهد الخيمة والبعير، أما في عهد الطائرة والصاروخ والمركبة الفضائية إل، فلا يصلح هذا الدين، ويقولون: قد استنفد أغراضه، فهؤلاء لم يتركوا الدين حتى في المسجد، فلما حصرهم المسجد بدءوا يطاردونه داخل المسجد.
وعلى كل حال نقول: يجب أن يكون موقفنا منهم أنهم مرتدون؛ لأنهم يرون أن شرع الله لا يصلح للحياة، ويرون أن شرع الله لا يمكن أن يتدخل في أمور الدنيا، وأن شرع الله قاصر وحكم الله لا يصلح لحل مشاكل البشر!! والله تعالى حكم عليهم بالردة والكفر فقال:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ [المائدة:٤٤]، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ}[المائدة:٤٥]، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ}[المائدة:٤٧]، وقال في سورة النور:{وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمْ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمْ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ}[النور:٤٨ - ٥٠]، فهؤلاء الذين لم يريدوا لشرع الله عز وجل أن يخرج من المسجد، بل لا يريدونه أن يبقى حتى في المسجد؛ مرتدون، ولا يجوز أن نعتبرهم في حساب المسلمين، وكلمة علمانية في بعض الأحيان يلطفونها، لكنهم يكلون كل شيء للعلم، أما دين الله عز وجل فإنه يجب أن يكون خاصاً بالطقوس والتعبدات والسلوك والأخلاق والفضائل! ولذلك لا يسمح العلمانيون للخطيب أو المتحدث أن يتحدث في أمور الدين في بعض الدول الإسلامية التي تبنت العلمانية، وسأضرب لكم مثلاً في واحدة منها: أندونيسيا كادت أن تحكمها الشيوعية فترة من الزمن ثم تغيرت المعايير، فحكمها نوع آخر من الكفر وهو العلمانية، ولو ذهبت إلى أندونيسيا لرأيت العجب العجاب! تخرج إلى الشارع فترى الأمة متفسخة منحلة! ثم تدخل إلى المسجد فترى هذه الأمة المتفسخة تدخل المسجد، وتصلي النساء في مساجد خاصة في مؤخر المساجد، ثم تخرج هذه الأمة إلى الشارع فتعود إلى تفسخها وإلى خلاعتها، والله يعلم ما وراء ذلك.
فهذه كلها من نتائج العلمانية، ولذلك أقول: إن دين الله عز وجل دين كامل لا يهمل أي جانب من جوانب الحياة كما قال تعالى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ}[البقرة:٢٨٤]، فما دامت هذه الأشياء داخل السماوات والأرض؛ فيجب أن يكون الحكم فيها لله، ويجب أن يكون التصرف فيها لله عز وجل، فالعلمانية مرفوضة شرعاً وعقلاً.