إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونثني عليه الخير كله، ونشكره ولا نكفره، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وبارك وعلى آله ومن دعا بدعوته وعمل بسنته، ونصح لأمته إلى يوم الدين، أما بعد: فقد جرت سنة الله في هذه الحياة أن يكون الصراع محتدماً بين الحق والباطل، وهذا الصراع هو الحكمة من خلق هذه البرية:{وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}[هود:١١٨ - ١١٩]، ومنذ تلك الساعة التي أهبط فيها أبونا آدم عليه الصلاة والسلام إلى الأرض، وإلى يومنا هذا، وحتى يرث الله الأرض ومن عليها، والصراع محتدم أبداً بين الحق والباطل، وبين دعاة الحق ودعاة الضلال، ولذلك فإني أقول: إن ما يحدث في الساحة الإنسانية اليوم، إنما هو إجراء لحكمة الله عز وجل في خلق الجنة والنار:(ولكل واحدة منهما ملؤها)، كما جاء في الحديث.
وهذا الصراع يأخذ عدة مسالك، وعدة مجريات، والأمم التي قسمها الله عز وجل إلى فريقين:{فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ}[الشورى:٧]، هي التي تتصارع أمام الحق وأمام الباطل، وأعداء الإسلام الذين يكرهون الإسلام ملء قلوبهم، وذلك الحقد الدفين الذي امتلأت به قلوب أعداء الإسلام ضد هذا الدين الحنيف، تظهر هذه العداوة من خلال هذا الصراع، ولذلك نقول: إن الله عز وجل أخبر بأن العداء قديم فقال: {اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}[البقرة:٣٦]، وباقٍ، قال عليه الصلاة والسلام:(لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر الله، أو حتى تقوم الساعة).