الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ الْخَلِيلُ: أَطْبَقَ جَمِيعُ الْخَلْقِ عَلَى أَنَّ قَوْلَنَا: «اللَّهُ» مَخْصُوصٌ بِاللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَكَذَلِكَ قَوْلُنَا الْإِلَهُ مَخْصُوصٌ بِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَأَمَّا الَّذِينَ كَانُوا يُطْلِقُونَ اسْمَ الْإِلَهِ عَلَى غَيْرِ اللَّهِ فَإِنَّمَا كَانُوا يَذْكُرُونَهُ بِالْإِضَافَةِ كَمَا يُقَالُ إِلَهُ كَذَا، أَوْ يُنْكِرُونَهُ فَيَقُولُونَ: إِلَهٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى خَبَرًا عَنْ قَوْمِ مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ [الأعراف: ١٣٨] .
خواص لفظ الجلالة:
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الِاسْمَ مُخْتَصٌّ بِخَوَاصٍّ لَمْ تُوجَدْ فِي سَائِرِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَنَحْنُ نُشِيرُ إِلَيْهَا: فَالْخَاصَّةُ الْأُولَى: أَنَّكَ إِذَا حَذَفْتَ الْأَلِفَ مِنْ قَوْلِكَ: «اللَّهُ» بَقِيَ الباقي على صورة «الله» وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِهِ سُبْحَانَهُ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [الْفَتْحِ: ٤] وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [الْمُنَافِقُونَ: ٧] وَإِنْ حَذَفْتَ عَنْ هَذِهِ الْبَقِيَّةِ اللَّامَ الْأُولَى بَقِيَتِ الْبَقِيَّةُ عَلَى صُورَةِ «لَهُ» كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [الزُّمَرِ: ٦٣] وَقَوْلِهِ: لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ [التَّغَابُنِ: ١] فَإِنْ حَذَفْتَ اللَّامَ الْبَاقِيَةَ كَانَتِ الْبَقِيَّةُ هِيَ قَوْلُنَا: «هُوَ» وَهُوَ أَيْضًا يَدُلُّ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الْإِخْلَاصِ: ١] وَقَوْلِهِ: هُوَ الْحَيُّ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ [غَافِرٍ: ٦٥] وَالْوَاوُ زَائِدَةٌ بِدَلِيلِ سُقُوطِهَا فِي التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ، فَإِنَّكَ تَقُولُ، هُمَا، هُمْ فَلَا تُبْقِي الْوَاوَ فِيهِمَا، فَهَذِهِ الْخَاصِّيَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي لَفْظِ «اللَّهُ» غَيْرُ/ مَوْجُودَةٍ فِي سَائِرِ الْأَسْمَاءِ، وَكَمَا حَصَلَتْ هَذِهِ الْخَاصِّيَّةُ بِحَسَبِ اللَّفْظِ فَقَدْ حَصَلَتْ أَيْضًا بِحَسَبِ الْمَعْنَى، فَإِنَّكَ إِذَا دَعَوْتَ اللَّهَ بِالرَّحْمَنِ فَقَدْ وَصَفْتَهُ بِالرَّحْمَةِ، وَمَا وَصَفْتَهُ بِالْقَهْرِ، وَإِذَا دَعَوْتَهُ بِالْعَلِيمِ فَقَدْ وَصَفْتَهُ بِالْعِلْمِ، وَمَا وَصَفَتْهُ بِالْقُدْرَةِ، وَأَمَّا إِذَا قُلْتَ يَا اللَّهُ فَقَدْ وَصَفْتَهُ بِجَمِيعِ الصِّفَاتِ، لِأَنَّ الْإِلَهَ لَا يَكُونُ إِلَهًا إِلَّا إِذَا كَانَ مَوْصُوفًا بِجَمِيعِ هَذِهِ الصِّفَاتِ، فَثَبَتَ أَنَّ قَوْلَنَا اللَّهُ قَدْ حَصَلَتْ لَهُ هَذِهِ الْخَاصِّيَّةُ الَّتِي لَمْ تَحْصُلْ لِسَائِرِ الْأَسْمَاءِ.
الْخَاصِّيَّةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ كَلِمَةَ الشَّهَادَةِ وَهِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي بِسَبَبِهَا يَنْتَقِلُ الْكَافِرُ مِنَ الْكُفْرِ إِلَى الْإِسْلَامِ لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا إِلَّا هَذَا الِاسْمُ، فَلَوْ أَنَّ الْكَافِرَ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الرَّحْمَنُ أَوْ إِلَّا الرَّحِيمُ، أَوْ إِلَّا الْمَلِكُ، أَوْ إِلَّا الْقُدُّوسُ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْكُفْرِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي الْإِسْلَامِ، أَمَّا إِذَا قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنَ الْكُفْرِ وَيَدْخُلُ فِي الْإِسْلَامِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِ هَذَا الِاسْمِ بِهَذِهِ الْخَاصِّيَّةِ الشَّرِيفَةِ، وَاللَّهُ الْهَادِي إِلَى الصَّوَابِ.
الْبَابُ الْعَاشِرُ في البحث المتعلق بقولنا الرحمن الرحيم
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ:
اعْلَمْ أَنَّ الْأَشْيَاءَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: الَّذِي يَكُونُ نَافِعًا وَضَرُورِيًّا مَعًا، وَالَّذِي يَكُونُ نَافِعًا وَلَا يَكُونُ ضَرُورِيًّا، وَالَّذِي يَكُونُ ضَرُورِيًّا وَلَا يَكُونُ نَافِعًا، وَالَّذِي لَا يَكُونُ نَافِعًا وَلَا يَكُونُ ضَرُورِيًّا.
أَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: - وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ نَافِعًا وَضَرُورِيًّا مَعًا- فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ فِي الدُّنْيَا فَقَطْ، وَهُوَ مِثْلُ النَّفَسِ- فَإِنَّهُ لَوِ انْقَطَعَ مِنْكَ لَحْظَةً وَاحِدَةً حَصَلَ الْمَوْتُ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ، وَهُوَ مَعْرِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute