الْبَابُ الرَّابِعُ فِي تَقْسِيمَاتِ الِاسْمِ إِلَى أَنْوَاعِهِ، وهي من وجوه
أنواع الاسم التقسيم الأول [أنواع الاسم] إِمَّا أَنْ يَكُونَ نَفْسُ تَصَوُّرِ مَعْنَاهُ مَانِعًا مِنَ الشَّرِكَةِ، أَوْ لَا يَكُونَ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُظْهَرًا، وَهُوَ الْعَلَمُ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُضْمَرًا، وَهُوَ مَعْلُومٌ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ مَانِعًا مِنَ الشَّرِكَةِ فَالْمَفْهُومُ مِنْهُ:
إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَاهِيَّةً مُعَيَّنَةً، وَهُوَ أَسْمَاءُ الْأَجْنَاسِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ شَيْءٌ مَا مَوْصُوفٌ بِالصِّفَةِ الْفُلَانِيَّةِ، وَهُوَ الْمُشْتَقُّ، كقولنا أسود، فإن مفهومه أنه شيء ماله سَوَادٌ. فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الِاسْمَ جِنْسٌ تَحْتَهُ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ:
أَسْمَاءُ الْأَعْلَامِ، وَأَسْمَاءُ الْأَجْنَاسِ، والأسماء المشتقة، فلنذكر أحكام هذه الأقسام.
[أحكام الأعلام]
النَّوْعُ الْأَوَّلُ: أَحْكَامُ الْأَعْلَامِ، وَهِيَ كَثِيرَةٌ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ قَالَ الْمُتَكَلِّمُونَ: اسْمُ الْعَلَمِ لَا يُفِيدُ فَائِدَةً أَصْلًا، وَأَقُولُ: حَقٌّ أَنَّ الْعَلَمَ لَا يُفِيدُ صِفَةً فِي الْمُسَمَّى. وَأَمَّا لَيْسَ بِحَقٍّ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ شَيْئًا، وَكَيْفَ وَهُوَ يُفِيدُ تَعْرِيفَ تِلْكَ الذَّاتِ الْمَخْصُوصَةِ؟ الْحُكْمُ الثَّانِي اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْأَجْنَاسَ لَهَا أَعْلَامٌ، فَقَوْلُنَا: «أَسَدٌ» اسْمُ جِنْسٍ لِهَذِهِ الْحَقِيقَةِ، وَقَوْلُنَا: «أُسَامَةُ» اسْمُ عَلَمٍ لِهَذِهِ الْحَقِيقَةِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُنَا: «ثَعْلَبٌ» اسْمُ جِنْسٍ لِهَذِهِ الْحَقِيقَةِ، وَقَوْلُنَا: «ثُعَالَةُ» اسْمُ عَلَمٍ لَهَا وَأَقُولُ: الْفَرْقُ بَيْنَ اسْمِ الْجِنْسِ وَبَيْنَ عَلَمِ الْجِنْسِ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ اسْمَ الْعَلَمِ هُوَ الَّذِي يُفِيدُ الشَّخْصَ الْمُعَيَّنَ مِنْ حيث إنه ذلك الْمُعَيَّنُ، فَإِذَا سَمَّيْنَا أَشْخَاصًا كَثِيرِينَ بَاسْمِ زَيْدٍ فَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَجْلِ أَنَّ قَوْلَنَا: «زَيْدٌ» مَوْضُوعٌ لِإِفَادَةِ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ تِلْكَ الْأَشْخَاصِ، بَلْ لِأَجْلِ أَنَّ لَفْظَ زَيْدٍ وُضِعَ لِتَعْرِيفِ هَذِهِ الذات من حيث أنها هذه، ولتعريف تِلْكَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا تِلْكَ عَلَى/ سَبِيلِ الِاشْتِرَاكِ، إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ:
إِذَا قَالَ الْوَاضِعُ: وَضَعْتُ لَفْظَ أُسَامَةَ لِإِفَادَةِ ذَاتِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَشْخَاصِ الْأَسَدِ بِعَيْنِهَا مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ، كَانَ ذَلِكَ عَلَمَ الْجِنْسِ، وَإِذَا قَالَ: وَضَعْتُ لَفْظَ الْأَسَدِ لِإِفَادَةِ الْمَاهِيَّةِ الَّتِي هِيَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَشْخَاصِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ، كَانَ هَذَا اسْمَ الْجِنْسِ، فَقَدْ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ اسْمِ الْجِنْسِ وَبَيْنَ عَلَمِ الْجِنْسِ. الثَّانِي: أَنَّهُمْ وَجَدُوا أُسَامَةَ اسْمًا غَيْرَ مُنْصَرِفٍ وَقَدْ تَقَرَّرَ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ مَا لَمْ يَحْصُلْ فِي الِاسْمِ شَيْئَانِ لَمْ يَخْرُجْ عَنِ الصَّرْفِ، ثُمَّ وَجَدُوا فِي هَذَا اللَّفْظِ التَّأْنِيثَ، وَلَمْ يَجِدُوا شَيْئًا آخَرَ سِوَى الْعَلَمِيَّةِ، فَاعْتَقَدُوا كَوْنَهُ عَلَمًا لِهَذَا المعنى.
الحكمة الداعية إلى وضع الأعلام:
الحكم الثالث [الحكمة الداعية إلى وضع الأعلام] : اعْلَمْ أَنَّ الْحِكْمَةَ الدَّاعِيَةَ إِلَى وَضْعِ الْأَعْلَامِ أنه ربما اختص نوع بحكم واحتج إِلَى الْإِخْبَارِ عَنْهُ بِذَلِكَ الْحُكْمِ الْخَاصِّ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ الْإِخْبَارَ عَلَى سَبِيلِ التَّخْصِيصِ غَيْرُ مُمْكِنٍ إِلَّا بَعْدَ ذِكْرِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ عَلَى سبيل الخصوص، فاحتج إِلَى وَضْعِ الْأَعْلَامِ لِهَذِهِ الْحِكْمَةِ.
الْحُكْمُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ لَمَّا كَانَتِ الْحَاجَاتُ الْمُخْتَلِفَةُ تَثْبُتُ لِأَشْخَاصِ النَّاسِ فَوْقَ ثُبُوتِهَا لِسَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute