[سورة الحجر]
مكية، إلا آية: ٨٧، فمدنية وآياتها: ٩٩، نزلت بعد سورة يوسف بسم الله الرّحمن الرّحيم
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ١ الى ٣]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (١) رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ (٢) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٣)
اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ: تِلْكَ إِشَارَةٌ إِلَى مَا تَضَمَّنَتْهُ السُّورَةُ مِنَ الْآيَاتِ. وَالْمُرَادُ بِالْكِتَابِ وَالْقُرْآنِ الْمُبِينِ الْكِتَابُ الَّذِي وَعَدَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَنْكِيرُ الْقُرْآنِ لِلتَّفْخِيمِ، وَالْمَعْنَى: تِلْكَ الْآيَاتُ آيَاتُ ذَلِكَ الْكِتَابِ الْكَامِلِ فِي كَوْنِهِ كِتَابًا وَفِي كَوْنِهِ قُرْآنًا مُفِيدًا لِلْبَيَانِ.
أما قوله: رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ نَافِعٌ وَعَاصِمٌ رُبَما خَفِيفَةَ الْبَاءِ وَالْبَاقُونَ مُشَدَّدَةً قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَهْلُ الْحِجَازِ يُخَفِّفُونَ رُبَمَا، وَقَيْسٌ وَبَكْرٌ يُثَقِّلُونَهَا، وَأَقُولُ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ لُغَاتٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الرَّاءَ مِنْ/ رُبَّ وَرَدَتْ مَضْمُومَةً وَمَفْتُوحَةً، أَمَّا إِذَا كَانَتْ مَضْمُومَةً فَالْبَاءُ قَدْ وَرَدَتْ مُشَدَّدَةً وَمُخَفَّفَةً وَسَاكِنَةً وَعَلَى كُلِّ التَّقْدِيرَاتِ تَارَةً مَعَ حَرْفِ مَا، وَتَارَةً بِدُونِهَا وَأَيْضًا تَارَةً مَعَ التَّاءِ وَتَارَةً بِدُونِهَا وَأَنْشَدُوا:
أَسُمَيُّ مَا يدريك أن رب فتية ... باكرت لذتهم بأذكر مسرع
وَرُبْ بِتَسْكِينِ الْبَاءِ وَأَنْشَدُوا بَيْتَ الْهُذَلِيِّ:
أَزُهَيْرُ إِنْ يَشِبِ الْقَذَالُ فَإِنَّنِي ... رُبْ هَيْضَلٍ مَرِسٍ كَفَفْتُ بِهَيْضَلِ
وَالْهَيْضَلُ جَمَاعَةٌ مُتَسَلِّحَةٌ، وَأَيْضًا هَذِهِ الْكَلِمَةُ قَدْ تَجِيءُ حَالَتَيْ تَشْدِيدِ الْبَاءِ وَتَخْفِيفِهَا مَعَ حَرْفِ «مَا» كَقَوْلِكَ: رُبَمَا وَرُبَّمَا وَتَارَةً مَعَ التَّاءِ، وَحَرْفُ «مَا» كَقَوْلِكَ: رُبَتَمَا وَرُبَّتَمَا هَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَتِ الرَّاءُ مِنْ رُبَّ مَضْمُومَةً وَقَدْ تَكُونُ مَفْتُوحَةً، فَيُقَالُ: رَبَّ وَرَبَّمَا وَرَبَّتَمَا حَكَاهُ قُطْرُبٌ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: مِنَ الْحُرُوفِ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ حَرْفُ التَّأْنِيثِ، نَحْوُ: ثَمَّ وَثَمَّتَ، وَرُبَّ وَرُبَّتَ، وَلَا وَلَاتَ، فَهَذِهِ اللُّغَاتُ بِأَسْرِهَا رَوَاهَا الْوَاحِدِيُّ فِي «الْبَسِيطِ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute