للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسم اللَّه الرحمن الرحيم

سُورَةُ الرَّعْدِ

مَدَنِيَّةٌ، وَآيَاتُهَا: ٤٣، نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ محمد سُورَةُ الرَّعْدِ أَرْبَعُونَ وَثَلَاثُ آيَاتٍ مَكِّيَّةٌ سِوَى قول تَعَالَى: وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ [الرَّعْدِ: ٣١] وَقَوْلِهِ: وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ [الرَّعْدِ: ٤٣] قَالَ الْأَصَمُّ هِيَ مَدَنِيَّةٌ بِالْإِجْمَاعِ سِوَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ [الرَّعْدِ: ٣١] .

[[سورة الرعد (١٣) : آية ١]]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (١)

اعْلَمْ أَنَّا قَدْ تَكَلَّمْنَا فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا مَعْنَاهُ: أَنَا اللَّه أَعْلَمُ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ أَنَا اللَّه الْمَلِكُ الرَّحْمَنُ، وَقَدْ أَمَالَهَا أَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَفَخَّمَهَا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ عَاصِمٌ وَقَوْلُهُ:

تِلْكَ إشارة إلى آيات السورة المسماة بالمر. ثُمَّ قَالَ: إِنَّهَا آيَاتُ الْكِتَابِ. وَهَذَا الْكِتَابُ الَّذِي أَعْطَاهُ مُحَمَّدًا بِأَنْ يُنْزِلَهُ عَلَيْهِ وَيَجْعَلَهُ بَاقِيًا عَلَى وَجْهِ الدَّهْرِ وَقَوْلُهُ: وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ: الْحَقُّ خَبَرُهُ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ تَمَسَّكَ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي نَفْيِ الْقِيَاسِ فَقَالَ: الْحُكْمُ الْمُسْتَنْبَطُ بِالْقِيَاسِ غَيْرُ نَازِلٍ مِنْ عِنْدِ اللَّه وَإِلَّا لَكَانَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ كَافِرًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ/ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ [الْمَائِدَةِ: ٤٤] وَبِالْإِجْمَاعِ لَا يَكْفُرُ فَثَبَتَ أَنَّ الْحُكْمَ الْمُثْبَتَ بِالْقِيَاسِ غَيْرُ نَازِلٍ مِنْ عِنْدِ اللَّه. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ حَقًّا لِأَجْلِ أَنَّ قَوْلَهُ: وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا حَقَّ إِلَّا مَا أَنْزَلَهُ اللَّه فَكُلُّ مَا لَمْ يُنْزِلْهُ اللَّه وَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ حَقًّا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ حَقًّا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ بَاطِلًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ [يُونُسَ: ٣٢] وَمُثْبِتُو الْقِيَاسِ يُجِيبُونَ عَنْهُ بِأَنَّ الْحُكْمَ الْمُثْبَتَ بِالْقِيَاسِ نَازِلٌ أَيْضًا مِنْ عِنْدِ اللَّه، لِأَنَّهُ لَمَّا أَمَرَ بِالْعَمَلِ بِالْقِيَاسِ كَانَ الْحُكْمُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْقِيَاسُ نَازِلًا مِنْ عِنْدِ اللَّه. وَلَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّ الْمُنَزَّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْحَقُّ بَيَّنَ أَنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يؤمنون به على سبيل الزجر والتهديد.

<<  <  ج: ص:  >  >>