للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسم الله الرّحمن الرّحيم

[سورة الزلزلة]

وهي ثمان آيات مكية

[[سورة الزلزلة (٩٩) : آية ١]]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها (١)

هاهنا مَسَائِلُ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: ذَكَرُوا فِي الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ وَآخِرِ السُّورَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وُجُوهًا أَحَدُهَا: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَالَ: جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ [الْبَيِّنَةِ: ٨] فَكَأَنَّ الْمُكَلَّفَ قَالَ: وَمَتَى يَكُونُ ذَلِكَ يَا رَبِّ فَقَالَ: إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها فَالْعَالَمُونَ كُلُّهُمْ يَكُونُونَ فِي الْخَوْفِ، وَأَنْتَ في ذلك الوقت تنال جزاؤك وَتَكُونُ آمِنًا فِيهِ، كَمَا قَالَ: وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ [النَّمْلِ: ٨٩] وَثَانِيهَا: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ فِي السُّورَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَعِيدَ الْكَافِرِ وَوَعْدَ الْمُؤْمِنِ أَرَادَ أَنْ يَزِيدَ فِي وَعِيدِ الْكَافِرِ، فَقَالَ: أُجَازِيهِ حِينَ يَقُولُ الْكَافِرُ السَّابِقُ ذكره: ما للأرض تزلزل، نظيره قَوْلِهِ: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ [آلِ عِمْرَانَ: ١٠٦] ثُمَّ ذَكَرَ الطَّائِفَتَيْنِ فَقَالَ: فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ [آلِ عِمْرَانَ: ١٠٦] وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ [آل عمران: ١٠٧] ثم جمع بينهما فِي آخِرِ السُّورَةِ فَذَكَرَ الذَّرَّةَ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي قَوْلِهِ: إِذا بَحْثَانِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إِذا لِلْوَقْتِ فَكَيْفَ وَجْهُ الْبِدَايَةِ بِهَا فِي أَوَّلِ السُّورَةِ؟ وَجَوَابُهُ: مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ: كَانُوا يَسْأَلُونَهُ مَتَى السَّاعَةُ؟ فَقَالَ: إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ كَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: لَا سَبِيلَ إِلَى تَعْيِينِهِ بِحَسَبِ وَقْتِهِ وَلَكِنِّي أُعَيِّنُهُ بِحَسَبِ عَلَامَاتِهِ، الثَّانِي: أَنَّهُ تَعَالَى أَرَادَ أَنْ يُخْبِرَ الْمُكَلَّفَ أَنَّ الْأَرْضَ تُحَدِّثُ وَتَشْهَدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ أَنَّهَا فِي هَذِهِ السَّاعَةِ جَمَادٌ فَكَأَنَّهُ قِيلَ: مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ.

الْبَحْثُ الثَّانِي: قَالُوا كلمة: (إن) في المجوز، وإذا فِي الْمَقْطُوعِ بِهِ، تَقُولُ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ لِأَنَّ الدُّخُولَ يَجُوزُ، أَمَّا إِذَا أَرَدْتَ التَّعْلِيقَ بِمَا يُوجَدُ قَطْعًا لَا تَقُولُ: إِنْ بَلْ تَقُولُ: إِذَا [نَحْوَ إِذَا] جَاءَ غَدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ لِأَنَّهُ يُوجَدُ لَا مَحَالَةَ هذا هو الأصل، فإن استعمل عَلَى خِلَافِهِ فَمَجَازٌ، فَلَمَّا كَانَ الزِّلْزَالُ مَقْطُوعًا بِهِ قَالَ:

إِذا زُلْزِلَتِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ الْفَرَّاءُ: الزِّلْزَالُ بِالْكَسْرِ الْمَصْدَرُ وَالزَّلْزَالِ بِالْفَتْحِ الِاسْمُ، وَقَدْ قُرِئَ بِهِمَا، وَكَذَلِكَ الْوَسْوَاسُ هُوَ الِاسْمُ أَيِ اسْمُ الشَّيْطَانِ الَّذِي يُوَسْوِسُ إِلَيْكَ، وَالْوِسْوَاسُ بِالْكَسْرِ/ الْمَصْدَرُ، وَالْمَعْنَى:

<<  <  ج: ص:  >  >>