الْأَفْعَالُ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: رَجُلًا حَالَ كَوْنِهِ عَالِمًا، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: رَأَيْتُ رَجُلًا حَالَ كَوْنِهِ عَالِمًا وَثَانِيهَا: أَنْ تَكُونَ لَظَى اسْمًا لِنَارٍ تَتَلَظَّى تَلَظِّيًا شَدِيدًا، فَيَكُونُ هَذَا الْفِعْلُ نَاصِبًا، لِقَوْلِهِ: نَزَّاعَةً وَثَالِثُهَا: أَنْ تَكُونَ مَنْصُوبَةً عَلَى الِاخْتِصَاصِ، وَالتَّقْدِيرُ: إِنَّهَا لَظَى أَعْنِيهَا نزاعة للشوى، ولم تمنع.
المسألة الثالثة: الشوى الْأَطْرَافُ، وَهِيَ الْيَدَانِ وَالرِّجْلَانِ، وَيُقَالُ لِلرَّامِي: إِذَا لَمْ يُصِبِ الْمَقْتَلَ أَشْوَى، أَيْ أَصَابَ الشَّوَى، وَالشَّوَى أَيْضًا جِلْدُ الرَّأْسِ، وَاحِدَتُهَا شَوَاةٌ وَمِنْهُ قول الأعشى:
قالت قتيلة ماله ... قَدْ جُلِّلَتْ شَيْبًا شَوَاتُهُ
هَذَا قَوْلُ أَهْلِ اللُّغَةِ، قَالَ مُقَاتِلٌ: تَنْزِعُ النَّارُ الْهَامَةَ وَالْأَطْرَافَ فَلَا تَتْرُكُ لَحْمًا وَلَا جِلْدًا إِلَّا أَحْرَقَتْهُ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: الْعَصَبُ وَالْعَقِبُ وَلَحْمُ السَّاقَيْنِ وَالْيَدَيْنِ، وَقَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: لِمَكَارِمِ وَجْهِ بَنِي آدَمَ. وَاعْلَمْ أَنَّ النَّارَ إِذَا أَفْنَتْ هَذِهِ الْأَعْضَاءَ، فَاللَّهُ تَعَالَى يُعِيدُهَا مَرَّةً أُخْرَى، كَمَا قَالَ: كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ [النساء: ٥٦] .
[سورة المعارج (٧٠) : الآيات ١٧ الى ١٨]
تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (١٧) وَجَمَعَ فَأَوْعى (١٨)
فِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ لَظَى كَيْفَ تَدْعُو الْكَافِرَ، فَذَكَرُوا وُجُوهًا أَحَدُهَا: أَنَّهَا تَدْعُوهُمْ بِلِسَانِ الْحَالِ كَمَا قِيلَ: سَلِ الْأَرْضَ من أشق أَنْهَارَكِ، وَغَرَسَ أَشْجَارَكِ؟ فَإِنْ لَمْ تُجِبْكَ جُؤَارًا، أَجَابَتْكَ اعْتِبَارًا فَهَهُنَا لَمَّا كَانَ مَرْجِعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْكُفَّارِ إِلَى زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَا جَهَنَّمَ، كَأَنَّ تِلْكَ الْمَوَاضِعَ تَدْعُوهُمْ وَتُحْضِرُهُمْ وَثَانِيهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَخْلُقُ الْكَلَامَ فِي جِرْمِ النَّارِ حَتَّى تَقُولَ صَرِيحًا: إِلَيَّ يَا كَافِرُ، إِلَيَّ يَا مُنَافِقُ، ثُمَّ تَلْتَقِطُهُمُ الْتِقَاطَ الْحَبِّ وَثَالِثُهَا: الْمُرَادُ أَنَّ زَبَانِيَةَ النَّارِ يَدْعُونَ فَأُضِيفَ ذَلِكَ الدُّعَاءُ إِلَى النَّارِ بِحَذْفِ الْمُضَافِ وَرَابِعُهَا: تَدْعُو تُهْلِكُ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ دَعَاكَ اللَّهُ أَيْ أَهْلَكَكَ، وَقَوْلُهُ: مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى يَعْنِي مَنْ أَدْبَرَ عَنِ الطَّاعَةِ وَتَوَلَّى عَنِ الْإِيمَانِ وَجَمَعَ الْمَالَ فَأَوْعى أَيْ جَعَلَهُ فِي وِعَاءٍ وَكَنَزَهُ، وَلَمْ يُؤَدِّ الزَّكَاةَ وَالْحُقُوقَ الْوَاجِبَةَ فِيهَا فَقَوْلُهُ: أَدْبَرَ وَتَوَلَّى إِشَارَةٌ إِلَى الْإِعْرَاضِ عَنْ مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَطَاعَتِهِ، وَقَوْلُهُ: وَجَمَعَ فَأَوْعى إِشَارَةٌ إِلَى حُبِّ الدُّنْيَا، فَجَمَعَ إِشَارَةٌ إِلَى الْحِرْصِ، وَأَوْعَى إِشَارَةٌ إِلَى الْأَمَلِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مجامع آفات الدين ليست إلا هذه.
[[سورة المعارج (٧٠) : آية ١٩]]
إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً (١٩)
فِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الأولى: قال بعضهم: المراد بالإنسان هاهنا الْكَافِرُ، وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هُوَ عَلَى عُمُومِهِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْهُ إِلَّا الْمُصَلِّينَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: يُقَالُ: هَلَعُ الرَّجُلُ يَهْلَعُ هَلَعًا وَهَلَاعًا فَهُوَ هَالِعٌ وَهَلُوعٌ، وَهُوَ شِدَّةُ الْحِرْصِ وَقِلَّةُ الصَّبْرِ، يُقَالُ: جَاعَ فَهَلَعَ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْهَلُوعُ الضَّجُورُ، وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: الْهَلَعُ الضَّجَرُ، يُقَالُ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْهَلَعِ عِنْدَ مُنَازَلَةِ الْأَقْرَانِ، وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ: مَا الْهَلَعُ؟ فَقُلْتُ: قَدْ فَسَّرَهُ اللَّهُ، وَلَا