للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسم الله الرحمن الرحيم

سُورَةُ الْأَعْرَافِ

مَكِّيَّةٌ إِلَّا مِنْ آيَةِ: ١٦٣ إِلَى غَايَةِ آيَةِ ١٧٠ فَمَدَنِيَّةٌ وَآيَاتُهَا ٢٠٦ نَزَلَتْ بَعْدَ ص

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١ الى ٢]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

المص (١) كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢)

[في قوله تعالى المص كتاب أنزل إليك] فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ المص أَنَا اللَّهُ أَفْصِلُ وَعَنْهُ أَيْضًا: أَنَا اللَّهُ أَعْلَمُ وَأَفْصِلُ: قَالَ الْوَاحِدِيُّ:

وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ فَهَذِهِ الْحُرُوفُ وَاقِعَةٌ فِي مَوْضِعِ جمل والجمل إذا كانت ابتداء وخيرا فَقَطْ لَا مَوْضِعَ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ فَقَوْلُهُ: أَنَا اللَّهُ أَعْلَمُ لَا مَوْضِعَ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ فَقَوْلُهُ: «أَنَا» مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ: «اللَّهُ» وَقَوْلُهُ:

«أَعْلَمُ» خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ وَإِذَا كَانَ الْمَعْنَى المص أَنَا اللَّهُ أَعْلَمُ كَانَ إِعْرَابُهَا كَإِعْرَابِ الشَّيْءِ الَّذِي هُوَ تَأْوِيلٌ لَهَا، وَقَالَ السُّدِّيُّ: المص عَلَى هِجَاءِ قَوْلِنَا فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى إِنَّهُ الْمُصَوِّرُ. قَالَ الْقَاضِي: لَيْسَ هَذَا اللَّفْظُ عَلَى قَوْلِنَا: أَنَا اللَّهُ أَفْصِلُ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى قَوْلِهِ: أَنَا اللَّهُ أُصْلِحُ أَنَا اللَّهُ أَمْتَحِنُ أَنَا اللَّهُ الْمَلِكُ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَتِ الْعِبْرَةُ بِحَرْفِ الصَّادِ فَهُوَ/ مَوْجُودٌ فِي قَوْلِنَا أَنَا اللَّهُ أُصْلِحُ وَإِنْ كَانَتِ الْعِبْرَةُ بِحَرْفِ الْمِيمِ فَكَمَا أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الْعِلْمِ فَهُوَ أَيْضًا مَوْجُودٌ فِي الْمُلْكِ وَالِامْتِحَانِ فَكَانَ حَمْلُ قَوْلِنَا: المص عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ مَحْضَ التَّحَكُّمِ وَأَيْضًا فَإِنْ جَاءَ تَفْسِيرُ الْأَلْفَاظِ بِنَاءً عَلَى مَا فِيهَا مِنَ الْحُرُوفِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ اللَّفْظَةُ مَوْضُوعَةً فِي اللُّغَةِ لِذَلِكَ الْمَعْنَى انْفَتَحَتْ طَرِيقَةُ الْبَاطِنِيَّةِ فِي تَفْسِيرِ سَائِرِ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ بِمَا يُشَاكِلُ هَذَا الطَّرِيقَ. وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ: إِنَّهُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَأَبْعَدُ لِأَنَّهُ لَيْسَ جَعْلُهُ اسْمًا لِلَّهِ تَعَالَى أَوْلَى مِنْ جَعْلِهِ اسْمًا لِبَعْضِ رُسُلِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَوِ الْأَنْبِيَاءِ لِأَنَّ الِاسْمَ إِنَّمَا يَصِيرُ اسْمًا لِلْمُسَمَّى بِوَاسِطَةِ الوضع والاصطلاح وذلك مفقود هاهنا بَلِ الْحَقُّ أَنَّ قَوْلَهُ: المص اسْمٌ لَقَبٌ لِهَذِهِ السُّورَةِ وَأَسْمَاءُ الْأَلْقَابِ لَا تُفِيدُ فَائِدَةً فِي الْمُسَمَّيَاتِ، بَلْ هِيَ قَائِمَةٌ مَقَامَ الْإِشَارَاتِ وَلِلَّهِ تَعَالَى أَنْ يُسَمِّيَ هَذِهِ السُّورَةَ بِقَوْلِهِ: المص كَمَا أَنَّ الْوَاحِدَ مِنَّا إِذَا حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنَّهُ يُسَمِّيهِ بِمُحَمَّدٍ.

إِذَا عَرَفَتْ هَذَا فَنَقُولُ: قَوْلُهُ: المص مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ: كِتابٌ خَبَرُهُ وَقَوْلُهُ: أُنْزِلَ إِلَيْكَ صِفَةٌ لِذَلِكَ الْخَبَرِ: أَيِ السُّورَةُ الْمُسَمَّاةُ بِقَوْلِنَا: المص كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ.

فَإِنْ قِيلَ: الدَّلِيلُ الَّذِي دَلَّ عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ هُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَصَّهُ بِإِنْزَالِ هَذَا الْقُرْآنِ عَلَيْهِ فَمَا لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>