وَالِامْتِحَانِ وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتاكُمْ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ حَقِيقَةَ الِابْتِلَاءِ وَالِامْتِحَانِ عَلَى اللَّهِ مُحَالٌ إِلَّا أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ التَّكْلِيفُ وَهُوَ عَمَلٌ لَوْ صَدَرَ مِنَ الْوَاحِدِ مِنَّا لَكَانَ ذَلِكَ شَبِيهًا بِالِابْتِلَاءِ وَالِامْتِحَانِ فسمى لهذا الِاسْمِ لِأَجْلِ هَذِهِ الْمُشَابَهَةِ ثُمَّ إِنَّ هَذَا الْمُكَلَّفَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُقَصِّرًا فِيمَا كُلِّفَ بِهِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُوَفِّرًا فِيهِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ كَانَ نَصِيبُهُ مِنَ التَّخْوِيفِ وَالتَّرْهِيبِ وهو قَوْلَهُ: إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَوَصَفَ الْعِقَابَ بِالسُّرْعَةِ لِأَنَّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُوَفِّرًا فِي تِلْكَ الطَّاعَاتِ كَانَ نَصِيبُهُ مِنَ التَّشْرِيفِ وَالتَّرْغِيبِ هُوَ قَوْلَهُ: وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ أَيْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ وَيَسْتُرُ الْعُيُوبَ فِي الدُّنْيَا بِسَتْرِ فَضْلِهِ وَكَرَمِهِ وَرَحْمَتِهِ وَفِي الْآخِرَةِ بِأَنْ يُفِيضَ عَلَيْهِ أَنْوَاعَ نِعَمِهِ وَهَذَا الْكَلَامُ بَلَغَ فِي شَرْحِ الْإِعْذَارِ وَالْإِنْذَارِ وَالتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ إِلَى حَيْثُ لَا يُمْكِنُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ وَهَذَا آخِرُ الْكَلَامِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَنْعَامِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَلِكِ الْعَلَّامِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute