للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيانا للتسلية.

[[سورة فاطر (٣٥) : آية ٢٤]]

إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيها نَذِيرٌ (٢٤)

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً لَمَّا قَالَ: إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ بَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ نَذِيرًا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ إِنَّمَا هُوَ نَذِيرٌ بِإِذْنِ اللَّهِ وَإِرْسَالِهِ.

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ تَقْرِيرًا لِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا: لِتَسْلِيَةِ قَلْبِهِ حَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّ غَيْرَهُ كَانَ مِثْلَهُ مُحْتَمِلًا لِتَأَذِّي الْقَوْمِ وَثَانِيهِمَا: إِلْزَامُ الْقَوْمِ قَبُولَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَإِنَّمَا هُوَ مِثْلُ غَيْرِهِ يَدَّعِي مَا ادَّعَاهُ الرُّسُلُ وَيُقَرِّرُهُ. وَقَوْلُهُ تعالى:

[[سورة فاطر (٣٥) : آية ٢٥]]

وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ (٢٥)

يَعْنِي أَنْتَ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَةِ وَالْكِتَابِ فَكَذَّبُوكَ وَآذَوْكَ وَغَيْرُكَ أَيْضًا أَتَاهُمْ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَفَعَلُوا بِهِمْ مَا فَعَلُوا بِكَ وَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا فَكَذَلِكَ نُلْزِمُهُمْ بِأَنَّ مَنْ تَقَدَّمَ مِنَ الرُّسُلِ لَمْ يُعْلَمْ كَوْنُهُمْ رُسُلًا إِلَّا بِالْمُعْجِزَاتِ الْبَيِّنَاتِ وَقَدْ آتيناها محمدا صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ/ وَالْكُلُّ آتَيْنَاهَا مُحَمَّدًا، فَهُوَ رَسُولٌ مِثْلُ الرُّسُلِ يَلْزَمُهُمْ قَبُولُهُ كَمَا لَزِمَ قَبُولُ مُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمُ السَّلَامُ أَجْمَعِينَ، وَهَذَا يَكُونُ تَقْرِيرًا مَعَ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ أُمُورًا ثَلَاثَةً أَوَّلُهَا الْبَيِّنَاتُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ رَسُولٍ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُعْجِزَةٍ وَهِيَ أَدْنَى الدَّرَجَاتِ، ثُمَّ قَدْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ كِتَابٌ يَكُونُ فِيهِ مَوَاعِظُ وَتَنْبِيهَاتٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَسْخٌ وَأَحْكَامٌ مَشْرُوعَةٌ شَرْعًا نَاسِخًا، وَمَنْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ مِثْلُهُ أَعْلَى مَرْتَبَةً مِمَّنْ لَا يَنْزِلُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَقَدْ تَنْسَخُ شَرِيعَتُهُ الشَّرَائِعَ وَيَنْزِلُ عَلَيْهِ كِتَابٌ فِيهِ أَحْكَامٌ عَلَى وَفْقِ الْحِكْمَةِ الْإِلَهِيَّةِ، وَمَنْ يَكُونُ كَذَلِكَ فَهُوَ مِنْ أُولِي الْعَزْمِ فَقَالَ الرُّسُلُ تُبَيِّنُ رِسَالَتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَإِنْ كَانُوا أَعْلَى مَرْتَبَةً فَبِالزُّبُرِ، وَإِنْ كَانُوا أَعْلَى فَبِالْكِتَابِ وَالنَّبِيُّ آتَيْنَاهُ الْكُلَّ فَهُوَ رَسُولٌ أَشْرَفُ مِنَ الْكُلِّ لِكَوْنِ كِتَابِهِ أَتَمَّ وَأَكْمَلَ مِنْ كُلِّ كِتَابٍ. ثُمَّ قال تعالى:

[[سورة فاطر (٣٥) : آية ٢٦]]

ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (٢٦)

أَيْ مَنْ كَذَّبَ بِالْكِتَابِ الْمُنَزَّلِ مِنْ قَبْلُ وبالرسول المرسل أَخَذَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَكَذَلِكَ مَنْ يُكَذِّبُ بِالنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَوْلُهُ: فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ سُؤَالٌ لِلتَّقْرِيرِ فَإِنَّهُمْ عَلِمُوا شِدَّةَ إِنْكَارِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وإتيانه بالأمر المنكر من الاستئصال.

[سورة فاطر (٣٥) : الآيات ٢٧ الى ٢٨]

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ (٢٧) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (٢٨)

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها.

<<  <  ج: ص:  >  >>