[[سورة المسد (١١١) : آية ٥]]
فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥)
قَالَ الْوَاحِدِيُّ: الْمَسَدُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْفَتْلُ، يُقَالُ مَسَدَ الْحَبْلَ يَمْسُدُهُ مَسْدًا إِذَا أَجَادَ فَتْلَهُ، وَرَجُلٌ مَمْسُودٌ إِذَا كَانَ مَجْدُولَ الْخَلْقِ، وَالْمَسَدُ مَا مُسِدَ أَيْ فُتِلَ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ، فَيُقَالُ لِمَا فُتِلَ مِنْ جُلُودِ الْإِبِلِ، وَمِنَ اللِّيفِ وَالْخُوصِ مَسَدٌ وَلِمَا فُتِلَ مِنَ الْحَدِيدِ أَيْضًا مَسَدٌ، إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ ذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ وُجُوهًا أَحَدُهَا: فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِمَّا مُسِدَ مِنَ الْحِبَالِ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَحْمِلُ تِلْكَ الْحُزْمَةَ مِنَ الشَّوْكِ وَتَرْبُطُهَا فِي جِيدِهَا كَمَا يَفْعَلُ الْحَطَّابُونَ، وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ خَسَاسَتِهَا تَشْبِيهًا لَهَا بِالْحَطَّابَاتِ إِيذَاءً لَهَا وَلِزَوْجِهَا وَثَانِيهَا: أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ حَالَهَا يَكُونُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا حِينَ كَانَتْ تَحْمِلُ الْحُزْمَةَ مِنَ الشَّوْكِ، فَلَا تَزَالُ عَلَى ظَهْرِهَا حُزْمَةٌ مِنْ حَطَبِ النَّارِ مِنْ شَجَرَةِ الزَّقُّومِ وَفِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ سَلَاسِلِ النَّارِ.
فَإِنْ قِيلَ: الْحَبْلُ الْمُتَّخَذُ مِنَ الْمَسَدِ كَيْفَ يَبْقَى أَبَدًا فِي النَّارِ؟ قُلْنَا: كَمَا يَبْقَى الْجِلْدُ وَاللَّحْمُ وَالْعَظْمُ أَبَدًا فِي النَّارِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: ذَلِكَ الْمَسَدُ يَكُونُ مِنَ الْحَدِيدِ، وَظَنُّ مَنْ ظَنَّ أَنَّ الْمَسَدَ لَا يَكُونُ مِنَ الْحَدِيدِ خَطَأٌ، لِأَنَّ الْمَسَدَ هُوَ الْمَفْتُولُ سَوَاءٌ كَانَ مِنَ الْحَدِيدِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالمين.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute