يَحْتَرِزَ كُلَّ/ الِاحْتِرَازِ عَنِ الْإِتْيَانِ بَعْدَهَا بِشَيْءٍ من المعاصي.
وثانيها: قوله تعالى:
[سورة المعارج (٧٠) : الآيات ٢٤ الى ٢٥]
وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (٢٤) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (٢٥)
اخْتَلَفُوا فِي الْحَقِّ الْمَعْلُومِ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ، إِنَّهُ الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
مَنْ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتَصَدَّقَ قَالُوا: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ وَجْهَانِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ الْحَقَّ الْمَعْلُومَ الْمُقَدَّرَ هُوَ الزَّكَاةُ، أَمَّا الصَّدَقَةُ فَهِيَ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ الثَّانِي: وَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ هَذَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ مِمَّنْ ذَمَّهُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الَّذِي لَا يُعْطِي هَذَا الْحَقَّ يَكُونُ مَذْمُومًا، وَلَا حَقَّ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ إِلَّا الزَّكَاةُ، وَقَالَ آخَرُونَ: هَذَا الْحَقُّ سِوَى الزَّكَاةِ، وَهُوَ يَكُونُ عَلَى طَرِيقِ النَّدْبِ وَالِاسْتِحْبَابِ، وَهَذَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَالنَّخَعِيِّ. وَقَوْلُهُ: لِلسَّائِلِ: يَعْنِي الَّذِي يَسْأَلُ وَالْمَحْرُومِ الَّذِي يَتَعَفَّفُ عَنِ السُّؤَالِ فَيُحْسَبُ غَنِيًّا فَيُحْرَمُ.
وثالثها: قوله:
[[سورة المعارج (٧٠) : آية ٢٦]]
وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (٢٦)
أَيْ يُؤْمِنُونَ بِالْبَعْثِ والحشر.
ورابعها: قوله تعالى:
[[سورة المعارج (٧٠) : آية ٢٧]]
وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٢٧)
وَالْإِشْفَاقُ يَكُونُ مِنْ أَمْرَيْنِ، إِمَّا الْخَوْفُ مِنْ تَرْكِ الْوَاجِبَاتِ أَوِ الْخَوْفُ مِنَ الْإِقْدَامِ عَلَى الْمَحْظُورَاتِ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ [الْمُؤْمِنُونَ: ٦٠] وَكَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ [الْحَجِّ: ٣٥] وَمَنْ يَدُومُ بِهِ الْخَوْفُ وَالْإِشْفَاقُ فِيمَا كُلِّفَ يَكُونُ حَذِرًا مِنَ التَّقْصِيرِ حَرِيصًا عَلَى الْقِيَامِ بِمَا كُلِّفَ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَعَمَلٍ.
ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى أَكَّدَ ذلك الخوف فقال:
[[سورة المعارج (٧٠) : آية ٢٨]]
إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (٢٨)
وَالْمُرَادُ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُمْكِنُهُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ أَدَّى الْوَاجِبَاتِ كَمَا يَنْبَغِي، وَاحْتَرَزَ عَنِ الْمَحْظُورَاتِ بِالْكُلِّيَّةِ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ وَقَعَ مِنْهُ تَقْصِيرٌ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَلَا جَرَمَ يَكُونُ خائفا أبدا.
وخامسها: قوله تعالى:
[سورة المعارج (٧٠) : الآيات ٢٩ الى ٣١]
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (٢٩) إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٣٠) فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ (٣١)