للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَنُو الْمُطَّلِبِ. وَاحْتَجَّ بِالْخَبَرِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ. وَقِيلَ: آلُ عَلِيٍّ، وَجَعْفَرٍ، وَعَقِيلٍ، وَآلُ عَبَّاسٍ، وَوَلَدُ الحرث بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ.

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: حَكَى صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» عَنِ الْكَلْبِيِّ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ بِبَدْرٍ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ رَحِمَهُ اللَّه: كَانَ الْخُمْسُ فِي غَزْوَةِ بَنِي قَيْنُقَاعَ بَعْدَ بَدْرٍ بِشَهْرٍ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِلنِّصْفِ مِنْ شَوَّالٍ عَلَى رَأْسِ عِشْرِينَ شَهْرًا مِنَ الْهِجْرَةِ.

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَالْمَعْنَى اعْلَمُوا أَنَّ خُمْسَ الْغَنِيمَةِ مَصْرُوفٌ إِلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ الْخَمْسَةِ فَاقْطَعُوا عَنْهُ أَطْمَاعَكُمْ وَاقْنَعُوا بِالْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَعْنِي: إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ باللَّه وَبِالْمُنْزَلِ عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ، يَوْمَ بَدْرٍ. وَالْجَمْعَانِ: الْفَرِيقَانِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكَافِرِينَ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مِنَ الْآيَاتِ، وَالْمَلَائِكَةِ، وَالْفَتْحِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أَيْ يَقْدِرُ عَلَى نَصْرِكُمْ وأنتم قليلون ذليلون واللَّه أعلم.

[[سورة الأنفال (٨) : آية ٤٢]]

إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (٤٢)

[في قَوْلُهُ تَعَالَى إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى] وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي قَوْلِهِ: إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمُضْمَرٍ مَعْنَاهُ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ كَذَا وَكَذَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ [الْأَنْفَالِ: ٢٦] وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: إِذْ بَدَلًا عَنْ يَوْمَ الْفُرْقانِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو بِالْعِدْوَةِ بِكَسْرِ الْعَيْنِ فِي الْحَرْفَيْنِ. وَالْبَاقُونَ بِالضَّمِّ، وَهُمَا لُغَتَانِ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: عُدْوَةُ الْوَادِي وَعِدْوَتُهُ جَانِبُهُ، وَالْجَمْعُ عُدًى، وَعِدًى. قَالَ الْأَخْفَشُ: الْكَسْرُ كَلَامُ الْعَرَبِ لَمْ يُسْمَعْ عَنْهُمْ غَيْرُ ذَلِكَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى: الضَّمُّ فِي الْعُدْوَةِ أَكْثَرُ اللُّغَتَيْنِ. وَحَكَى صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : الضَّمَّ وَالْفَتْحَ وَالْكَسْرَ. قال: وقرئ بهن وبالعدية عَلَى قَلْبِ الْوَاوِ يَاءً، لِأَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْكَسْرِ حَاجِزًا غَيْرَ حَصِينٍ، كَمَا فِي الْفِتْيَةِ. وَأَمَّا الدُّنْيا فَتَأْنِيثُ الْأَدْنَى وَضِدُّهُ الْقُصْوى وَهُوَ تَأْنِيثُ الْأَقْصَى، وَكُلُّ شَيْءٍ تَنَحَّى عَنْ شَيْءٍ، فَقَدْ قَصَا، وَالْأَقْصَى وَالْقُصْوَى كَالْأَكْبَرِ وَالْكُبْرَى.

فَإِنْ قِيلَ: كِلْتَاهُمَا فُعْلَى مِنْ بَابِ الْوَاوِ، فَلِمَ جَاءَتْ إِحْدَاهُمَا بِالْيَاءِ وَالثَّانِيَةُ بِالْوَاوِ؟

قُلْنَا: الْقِيَاسُ قَلْبُ الْوَاوِ يَاءً، كَالْعُلْيَا. وَأَمَّا الْقُصْوَى، فَقَدْ جَاءَ شَاذًّا، وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهِ عَلَى أَصْلِهِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الْمُرَادُ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا، مَا يَلِي جَانِبَ الْمَدِينَةِ، وَبِالْقُصْوَى، مَا يَلِي جَانِبَ مَكَّةَ وَكَانَ الْمَاءُ فِي الْعُدْوَةِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْمُشْرِكُونَ، وَكَانَ اسْتِظْهَارُهُمْ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَشَدَّ وَالرَّكْبُ الْعِيرُ الَّتِي خَرَجُوا لَهَا كَانَتْ فِي مَوْضِعٍ أَسْفَلَ مِنْكُمْ إِلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ وَلَوْ تَواعَدْتُمْ أَنْتُمْ وَأَهْلُ/ مَكَّةَ عَلَى الْقِتَالِ، لَخَالَفَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا لِقِلَّتِكُمْ وَكَثْرَتِهِمْ وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا أَيْ أَنَّهُ يُثَبِّتُكُمُ اللَّه، وَيَنْصُرُكُمْ، لِيَقْضِيَ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا، وَاجِبًا أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْفِعْلِ وَقَوْلُهُ: لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: لِيَقْضِيَ وَفِيهِ مَسَائِلُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>