للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثَّامِنَةُ: التَّتْبِيرُ التَّفْتِيتُ وَالتَّكْسِيرُ، وَمِنْهُ التِّبْرُ وهو كسارة الذهب والفضة والزجاج.

[[سورة الفرقان (٢٥) : آية ٤٠]]

وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها بَلْ كانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُوراً (٤٠)

القصة الرابعة- قصة لوط عليه السلام

وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى أَرَادَ بِالْقَرْيَةِ سَدُومَ مِنْ قُرَى قَوْمِ لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَانَتْ خَمْسًا أَهْلَكَ اللَّه تَعَالَى أَرْبَعًا بِأَهْلِهَا وَبَقِيَتْ وَاحِدَةٌ، وَ (مَطَرَ السَّوْءِ) الْحِجَارَةُ يَعْنِي أَنَّ قُرَيْشًا مَرُّوا مِرَارًا كَثِيرَةً فِي مَتَاجِرِهِمْ إِلَى الشَّأْمِ عَلَى تِلْكَ الْقَرْيَةِ الَّتِي أُهْلِكَتْ بِالْحِجَارَةِ مِنَ السماء، أَفَلَمْ يَكُونُوا في [مرار] مُرُورِهِمْ يَنْظُرُونَ إِلَى آثَارِ عَذَابِ اللَّه تَعَالَى ونكاله [ويذكررون] «١» بَلْ كانُوا قَوْمًا كَفَرَةً لَا يَرْجُونَ نُشُوراً وَذَكَرُوا فِي تَفْسِيرِ يَرْجُونَ وُجُوهًا: أَحَدُهَا: وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي وَهُوَ الْأَقْوَى أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى حَقِيقَةِ الرَّجَاءِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَتَحَمَّلُ مَتَاعِبَ التَّكَالِيفِ وَمَشَاقَّ النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ إِلَّا لِرَجَاءِ ثَوَابِ الْآخِرَةِ فَإِذَا لَمْ يُؤْمِنْ بِالْآخِرَةِ لَمْ يَرْجُ ثَوَابَهَا فَلَا يَتَحَمَّلُ تِلْكَ الْمَشَاقَّ وَالْمَتَاعِبَ وَثَانِيهَا: مَعْنَاهُ لَا يَتَوَقَّعُونَ نُشُورًا [وَعَاقِبَةً] ، فَوَضَعَ الرَّجَاءَ مَوْضِعَ التَّوَقُّعِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَتَوَقَّعُ الْعَاقِبَةَ مَنْ يُؤْمِنُ، وَثَالِثُهَا: مَعْنَاهُ لَا يَخَافُونَ عَلَى اللُّغَةِ التِّهَامِيَّةِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْحَقُّ.

[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٤١ الى ٤٤]

وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً (٤١) إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْلا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً (٤٢) أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً (٤٣) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (٤٤)

اعْلَمْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَّا بَيَّنَ مُبَالَغَةَ الْمُشْرِكِينَ فِي إِنْكَارِ نُبُوَّتِهِ وَفِي إِيرَادِ الشُّبُهَاتِ فِي ذَلِكَ، بَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ أنهم إدا رَأَوُا الرَّسُولَ اتَّخَذُوهُ هُزُوًا فَلَمْ يَقْتَصِرُوا عَلَى تَرْكِ الْإِيمَانِ بِهِ بَلْ زَادُوا عَلَيْهِ بِالِاسْتِهْزَاءِ وَالِاسْتِحْقَارِ، وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا وَفِيهِ مَسَائِلُ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» (إِنْ) الْأُولَى نَافِيَةٌ وَالثَّانِيَةُ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَاللَّامُ هِيَ الْفَارِقَةُ بَيْنَهُمَا.

المسألة الثَّانِيَةُ: جَوَابُ (إِذَا) هُوَ مَا أُضْمِرَ مِنَ الْقَوْلِ يَعْنِي وَإِذَا رَأَوْكَ مُسْتَهْزِئِينَ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّه هَذَا رَسُولًا، وَقَوْلُهُ: إِنْ يَتَّخِذُونَكَ جُمْلَةٌ اعْتَرَضَتْ بَيْنَ (إِذَا) وَجَوَابِهَا.

المسألة الثَّالِثَةُ: اتَّخَذُوهُ هزوا في معنى استهزؤا بِهِ وَالْأَصْلُ اتَّخَذُوهُ مَوْضِعَ هُزْءٍ أَوْ مَهْزُوءًا بِهِ.

المسألة الرَّابِعَةُ: اعْلَمْ أَنَّ اللَّه تَعَالَى أَخْبَرَ عَنِ الْمُشْرِكِينَ أَنَّهُمْ مَتَى رَأَوُا الرَّسُولَ أتوا بنوعين من الأفعال


(١) زيادة من الكشاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>