[سورة فصلت السجدة]
خَمْسُونَ وَأَرْبَعُ آيَاتٍ مَكِّيَّةٌ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرّحيم
[سورة فصلت (٤١) : الآيات ١ الى ٨]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٢) كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣) بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (٤)
وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ (٥) قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (٧) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٨)
اعْلَمْ أَنَّ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ احْتِمَالَاتٌ أَحَدُهَا: وَهُوَ الْأَقْوَى أَنْ يُقَالَ حم اسْمٌ لِلسُّورَةِ وَهُوَ فِي مَوْضِعِ الْمُبْتَدَأِ وَتَنْزِيلٌ خَبَرُهُ، وَثَانِيهَا: قَالَ الْأَخْفَشُ: تَنْزِيلٌ رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ وَكِتَابٌ خَبَرُهُ، وَثَالِثُهَا: قَالَ الزَّجَّاجُ: تَنْزِيلٌ رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ وَخَبَرُهُ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ وَوَجْهُهُ أَنَّ قَوْلَهُ تَنْزِيلٌ/ تَخَصَّصَ بِالصِّفَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فَجَازَ وُقُوعُهُ مُبْتَدَأً.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى حَكَمَ عَلَى السُّورَةِ الْمُسَمَّاةِ بحم بِأَشْيَاءَ أَوَّلُهَا: كَوْنُهُ تَنْزِيلًا وَالْمُرَادُ الْمُنْزَلُ وَالتَّعْبِيرُ عَنِ الْمَفْعُولِ بِالْمَصْدَرِ مَجَازٌ مَشْهُورٌ، يُقَالُ هَذَا بِنَاءُ الْأَمِيرِ أَيْ مَبْنِيُّهُ، وَهَذَا الدِّرْهَمُ ضَرْبُ السُّلْطَانِ أَيْ مَضْرُوبُهُ، وَالْمُرَادُ مِنْ كَوْنِهَا مَنْزِلًا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَتَبَهَا فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَأَمَرَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَنْ يَحْفَظَ تِلْكَ الْكَلِمَاتِ ثُمَّ يَنْزِلَ بِهَا عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُبَلِّغَهَا إِلَيْهِ، فَلَمَّا حَصَلَ تَفْهِيمُ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ بِوَاسِطَةِ نُزُولِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السلام سمي لذلك تنزيلا وثانيها: كون ذلك التَّنْزِيلِ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى كون ذلك التَّنْزِيلِ نِعْمَةً عَظِيمَةً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ الْفِعْلَ الْمَقْرُونَ بِالصِّفَةِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مُنَاسِبًا لِتِلْكَ الصِّفَةِ، فَكَوْنُهُ تَعَالَى رَحْمَانًا رَحِيمًا صفتان
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute