للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: إِذَا دَخَلْتَ بَيْتًا خَالِيًا فَسَلِّمْ، وَفِيهِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّكَ تُسَلِّمُ مِنَ اللَّه عَلَى نَفْسِكَ. وَالثَّانِي: أَنَّكَ تُسَلِّمُ عَلَى مَنْ فِيهِ مِنْ مُؤْمِنِي الْجِنِّ. وَالثَّالِثُ: أَنَّكَ تَطْلُبُ السَّلَامَةَ بِبَرَكَةِ السَّلَامِ مِمَّنْ فِي الْبَيْتِ مِنَ الشَّيَاطِينِ وَالْمُؤْذِيَاتِ.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: السُّنَّةُ أَنْ يَكُونَ الْمُبْتَدِئُ بِالسَّلَامِ عَلَى الطَّهَارَةِ، وَكَذَا الْمُجِيبُ.

رُوِيَ أَنَّ وَاحِدًا سَلَّمَ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ كَانَ فِي قَضَاءِ الْحَاجَةِ، فَقَامَ وَتَيَمَّمَ ثُمَّ رَدَّ السَّلَامَ.

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: السُّنَّةُ إِذَا الْتَقَى إِنَسَانَانِ أَنْ يَبْتَدِرَا بِالسَّلَامِ إِظْهَارًا لِلتَّوَاضُعِ.

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: لِنَذْكُرِ الْمَوَاضِعَ الَّتِي لَا يُسَلَّمُ فِيهَا، وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ: الْأَوَّلُ:

رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يُبْدَأُ الْيَهُودِيُّ بِالسَّلَامِ،

وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُبْدَأُ بِالسَّلَامِ فِي كِتَابٍ وَلَا فِي غَيْرِهِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: لَا تُسَلِّمْ عَلَيْهِمْ وَلَا تُصَافِحْهُمْ، وَإِذَا دَخَلْتَ فَقُلْ: السَّلَامُ عَلَى مَنِ اتبع الهدى. ورخص بعض العلماء فِي ابْتِدَاءِ السَّلَامِ عَلَيْهِمْ إِذَا دَعَتْ إِلَى ذَلِكَ حَاجَةٌ، وَأَمَّا إِذَا سَلَّمُوا عَلَيْنَا فَقَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ وَعَلَيْكَ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ عِنْدَ الدُّخُولِ عَلَى الرَّسُولِ: السَّامُ عَلَيْكَ، فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَعَلَيْكُمْ، فَجَرَتِ السُّنَّةُ بِذَلِكَ، ثم هاهنا تَفْرِيعٌ وَهُوَ أَنَّا إِذَا قُلْنَا لَهُمْ: وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ، فَهَلْ يَجُوزُ ذِكْرُ الرَّحْمَةِ فِيهِ؟ قَالَ الْحَسَنُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِلْكَافِرِ: وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ، لَكِنْ لَا يُقَالُ وَرَحْمَةُ اللَّه لِأَنَّهَا اسْتِغْفَارٌ. وَعَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ لِنَصْرَانِيٍّ:

وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّه فَقِيلَ لَهُ فِيهِ، فَقَالَ: أَلَيْسَ فِي رَحْمَةِ اللَّه يَعِيشُ. الثَّانِي: إِذَا دَخَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُسَلِّمَ لِاشْتِغَالِ النَّاسِ بِالِاجْتِمَاعِ، فَإِنْ سَلَّمَ فَرَدَّ بَعْضُهُمْ فَلَا بَأْسَ، وَلَوِ اقْتَصَرُوا عَلَى الْإِشَارَةِ كَانَ أَحْسَنَ. الثَّالِثُ: إِذَا دَخَلَ الْحَمَّامَ فَرَأَى النَّاسَ مُتَّزِرِينَ يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مُتَّزِرِينَ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِمْ، الرَّابِعُ: الْأَوْلَى تَرْكُ السَّلَامِ عَلَى الْقَارِئِ، لِأَنَّهُ إِذَا اشْتَغَلَ بِالْجَوَابِ يَقْطَعُ عَلَيْهِ التِّلَاوَةَ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِيمَنْ كَانَ مُشْتَغِلًا بِرِوَايَةِ الْحَدِيثِ وَمُذَاكَرَةِ الْعِلْمِ، الْخَامِسُ: لَا يُسَلِّمُ عَلَى الْمُشْتَغِلِ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا. السَّادِسُ: قَالَ أَبُو يُوسُفَ. لَا يُسَلِّمُ عَلَى لَاعِبِ النَّرْدِ، وَلَا عَلَى الْمُغَنِّي، وَمُطَيِّرِ الْحَمَامِ، وَفِي مَعْنَاهُ كُلُّ مَنْ كَانَ مُشْتَغِلًا بِنَوْعِ مَعْصِيَةٍ، السَّابِعُ: لَا يُسَلِّمُ عَلَى مَنْ كَانَ مُشْتَغِلًا بِقَضَاءِ الْحَاجَةِ،

مَرَّ عَلَى الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ رَجُلٌ وَهُوَ يَقْضِي حَاجَتَهُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَامَ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِلَى الْجِدَارِ فَتَيَمَّمَ ثُمَّ رَدَّ الْجَوَابَ، وَقَالَ: «لَوْلَا أَنِّي خَشِيتُ أَنَّ تَقُولَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ الْجَوَابَ لَمَا أَجَبْتُكَ إِذَا رَأَيْتَنِي عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا تُسَلِّمْ عَلَيَّ فَإِنَّكَ إِنْ سَلَّمْتَ عَلَيَّ لَمْ أَرُدَّ عَلَيْكَ»

الثَّامِنُ: إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ سَلَّمَ عَلَى امْرَأَتِهِ، فَإِنْ حَضَرَتْ أَجْنَبِيَّةٌ هُنَاكَ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِمَا.

الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: فِي أَحْكَامِ الْجَوَابِ وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ: الْأَوَّلُ: رَدُّ الْجَوَابِ وَاجِبٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها وَلِأَنَّ تَرْكَ الْجَوَابِ إِهَانَةٌ وَضَرَرٌ وَحَرَامٌ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَا مِنْ رَجُلٍ يَمُرُّ عَلَى قَوْمٍ مُسْلِمِينَ فَيُسَلِّمْ عَلَيْهِمْ وَلَا يَرُدُّونَ عَلَيْهِ إِلَّا نَزَعَ عَنْهُمْ رُوحُ الْقُدُسِ وَرَدَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ.

الثَّانِي: رَدُّ الْجَوَابِ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ إِذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ عَنِ الْبَاقِينَ، وَالْأَوْلَى لِلْكُلِّ أَنْ يَذْكُرُوا الْجَوَابَ إِظْهَارًا لِلْإِكْرَامِ وَمُبَالَغَةً فِيهِ، الثَّالِثُ: أَنَّهُ وَاجِبٌ/ عَلَى الْفَوْرِ، فَإِنْ أَخَّرَ حَتَّى انْقَضَى الْوَقْتُ فَإِنْ أَجَابَ بَعْدَ فَوْتِ الْوَقْتِ كَانَ ذَلِكَ ابْتِدَاءَ سَلَامٍ وَلَا يَكُونُ جَوَابًا. الرَّابِعُ: إِذَا وَرَدَ عَلَيْهِ سَلَامٌ فِي كِتَابٍ فَجَوَابُهُ بِالْكَتَبَةِ أَيْضًا وَاجِبٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها الْخَامِسُ: إِذَا قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَالْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَ: وَعَلَيْكُمُ السلام. إلا أن السنة أن يزيد فيه الرحمة والبركة ليدخل تحت قوله (فحيوا بأحسن منها) أما إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>