للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَشْيَاءَ، فَسَمَّوْا بِلَامٍ وَالِدَ حَارِثَةَ بْنِ لَامٍ الطَّائِيِّ، وَكَقَوْلِهِمْ لِلنُّحَاسِ: صَادٌ، وَلِلنَّقْدِ عَيْنٌ، وَلِلسَّحَابِ غَيْنٌ، وَقَالُوا:

جَبَلُ قَافٍ، وَسَمَّوُا الْحُوتَ نُونًا، الثاني: أنها أسماء لله تَعَالَى،

رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «يَا كهيعص، يَا حم عسق»

الثَّالِثُ: أَنَّهَا أَبْعَاضُ/ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: قَوْلُهُ (الر، حم، ن) مَجْمُوعُهَا هُوَ اسْمُ الرَّحْمَنِ، وَلَكِنَّا لَا نَقْدِرُ عَلَى كَيْفِيَّةِ تَرْكِيبِهَا فِي الْبَوَاقِي، الرَّابِعُ: أَنَّهَا أَسْمَاءُ الْقُرْآنِ، وَهُوَ قَوْلُ الْكَلْبِيِّ وَالسُّدِّيِّ وَقَتَادَةَ الْخَامِسُ: أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا دَالٌّ عَلَى اسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَةٍ مِنْ صفاته، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي (الم) : الْأَلِفُ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ تَعَالَى أَحَدٌ، أَوَّلٌ، آخِرٌ، أَزَلِيٌّ، أَبَدِيٌّ، وَاللَّامُ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَطِيفٌ، وَالْمِيمُ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ مَلِكٌ مَجِيدٌ مَنَّانٌ، وَقَالَ فِي: كهيعص إِنَّهُ ثَنَاءٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى نَفْسِهِ، وَالْكَافُ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ كَافِيًا، وَالْهَاءُ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ هَادِيًا، وَالْعَيْنُ يَدُلُّ عَلَى الْعَالِمِ، وَالصَّادُ يَدُلُّ عَلَى الصَّادِقِ وَذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ حَمَلَ الْكَافَ عَلَى الْكَبِيرِ وَالْكَرِيمِ، وَالْيَاءَ عَلَى أَنَّهُ يُجِيرُ، وَالْعَيْنَ عَلَى الْعَزِيزِ وَالْعَدْلِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ خَصَّصَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْحُرُوفِ بَاسِمٍ مُعَيَّنٍ، وَفِي الثَّانِي لَيْسَ كَذَلِكَ، السَّادِسُ: بَعْضُهَا يَدُلُّ عَلَى أَسْمَاءِ الذَّاتِ، وَبَعْضُهَا عَلَى أَسْمَاءِ الصِّفَاتِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي الم أَنَا اللَّهُ أَعْلَمُ، وَفِي المص أَنَا اللَّهُ أَفْصِلُ، وَفِي الر أَنَا اللَّهُ أَرَى، وَهَذَا رِوَايَةُ أَبِي صَالِحٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ. السَّابِعُ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا يَدُلُّ عَلَى صِفَاتِ الْأَفْعَالِ، فَالْأَلِفُ آلَاؤُهُ، وَاللَّامُ لُطْفُهُ، وَالْمِيمُ مَجْدُهُ قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ. وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: مَا مِنْهَا حَرْفٌ إِلَّا فِي ذِكْرِ آلَائِهِ وَنَعْمَائِهِ. الثَّامِنُ: بَعْضُهَا يَدُلُّ على أسماء لله تَعَالَى وَبَعْضُهَا يَدُلُّ عَلَى أَسْمَاءِ غَيْرِ اللَّهِ، فَقَالَ الضَّحَّاكُ: الْأَلِفُ مِنَ اللَّهِ، وَاللَّامُ مِنْ جِبْرِيلَ، وَالْمِيمُ مِنْ مُحَمَّدٍ، أَيْ أَنْزَلَ اللَّهُ الْكِتَابَ عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، التَّاسِعُ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْحُرُوفِ يَدُلُّ عَلَى فِعْلٍ مِنَ الْأَفْعَالِ، فَالْأَلِفُ مَعْنَاهُ أَلِفَ اللَّهُ مُحَمَّدًا فَبَعَثَهُ نَبِيًّا، وَاللَّامُ أَيْ لَامَهُ الْجَاحِدُونَ، وَالْمِيمُ أَيْ مِيمَ الْكَافِرُونَ غِيظُوا وَكُبِتُوا بِظُهُورِ الْحَقِّ. وَقَالَ بَعْضُ الصُّوفِيَّةِ: الْأَلِفُ مَعْنَاهُ أَنَا، وَاللَّامُ مَعْنَاهُ لِي، وَالْمِيمُ مَعْنَاهُ مِنِّي، الْعَاشِرُ: مَا قَالَهُ الْمُبَرِّدُ وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ عَظِيمٌ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا ذَكَرَهَا احْتِجَاجًا عَلَى الْكُفَّارِ، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تَحَدَّاهُمْ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ الْقُرْآنِ، أَوْ بِعَشْرِ سُوَرٍ، أَوْ بِسُورَةٍ وَاحِدَةٍ فَعَجَزُوا عَنْهُ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْحُرُوفُ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ إِلَّا مِنْ هَذِهِ الْحُرُوفِ، وَأَنْتُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا، وَعَارِفُونَ بِقَوَانِينِ الْفَصَاحَةِ، فَكَانَ يَجِبُ أَنْ تَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ، فَلَمَّا عَجَزْتُمْ عَنْهُ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لَا مِنَ الْبَشَرِ، الْحَادِيَ عَشَرَ: قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا ذَكَرَهَا لِأَنَّ فِي التَّقْدِيرِ كَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: اسْمَعُوهَا مُقَطَّعَةً حَتَّى إِذَا وَرَدَتْ عَلَيْكُمْ مُؤَلَّفَةً كُنْتُمْ قَدْ عَرَفْتُمُوهَا قَبْلَ ذَلِكَ، كَمَا أَنَّ الصِّبْيَانَ يَتَعَلَّمُونَ هَذِهِ الْحُرُوفَ أَوَّلًا مُفْرَدَةً ثُمَّ يَتَعَلَّمُونَ الْمُرَكَّبَاتِ، الثَّانِيَ عَشَرَ: قَوْلُ ابْنِ رَوْقٍ وَقُطْرُبٍ: إِنَّ الْكُفَّارَ لَمَّا قَالُوا: لَا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ [فصلت: ٢٦] وتواصلوا بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَحَبَّ مِنْ صَلَاحِهِمْ وَنَفْعِهِمْ أَنْ يُورِدَ عَلَيْهِمْ مَا لَا يَعْرِفُونَهُ لِيَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا لِإِسْكَاتِهِمْ وَاسْتِمَاعِهِمْ لِمَا يَرِدُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْقُرْآنِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْحُرُوفَ فَكَانُوا إِذَا سَمِعُوهَا قَالُوا كَالْمُتَعَجِّبِينَ: اسْمَعُوا إِلَى مَا يَجِيءُ بِهِ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَإِذَا أَصْغَوْا هَجَمَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِاسْتِمَاعِهِمْ وَطَرِيقًا إِلَى انْتِفَاعِهِمْ، الثَّالِثَ عَشَرَ: قَوْلُ أَبِي الْعَالِيَةِ إِنَّ كُلَّ حَرْفٍ مِنْهَا فِي مُدَّةِ أَقْوَامٍ، وَآجَالِ/ آخَرِينَ،

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَرَّ أَبُو يَاسِرِ بْنُ أَخْطَبَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يَتْلُو سُورَةَ البقرة الم ذلِكَ الْكِتابُ، [البقرة: ١، ٢] ثُمَّ أَتَى أَخُوهُ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ وَكَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ فَسَأَلُوهُ عَنْ الم وَقَالُوا:

نَنْشُدُكَ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَحَقٌّ أَنَّهَا أَتَتْكَ مِنَ السَّمَاءِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ كَذَلِكَ نَزَلَتْ» ، فَقَالَ حيي إن