أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ [الزُّمَرِ: ٢٢] وَسُمِّيَ التَّوْرَاةُ نُورًا إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ [الْمَائِدَةِ: ٤٤] وَسُمِّيَ الْإِنْجِيلُ نُورًا وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ [الْمَائِدَةِ: ٤٦] وَسَمَّى الْإِيمَانَ نُورًا يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ [الْحَدِيدِ: ١٢] .
الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: الْحَقُّ: وَرَدَ فِي الْأَسْمَاءِ «الْبَاعِثُ الشَّهِيدُ الْحَقُّ» وَالْقُرْآنُ حَقٌّ وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ [الْحَاقَّةِ: ٥١] فَسَمَّاهُ اللَّهُ حَقًّا، لِأَنَّهُ ضِدُّ الْبَاطِلِ فَيُزِيلُ الْبَاطِلَ كَمَا قَالَ: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ [الْأَنْبِيَاءِ: ١٨] أَيْ ذَاهِبٌ زَائِلٌ.
التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ: الْعَزِيزُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [الشُّعَرَاءِ: ٩] وَفِي صِفَةِ الْقُرْآنِ وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ [فُصِّلَتْ: ٤١] وَالنَّبِيُّ عَزِيزٌ لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ [التوبة: ١٢٨] وَالْأُمَّةُ عَزِيزَةٌ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [الْمُنَافِقُونَ: ٨] فَرُبَّ عَزِيزٍ أَنْزَلَ كِتَابًا عَزِيزًا عَلَى نَبِيٍّ عَزِيزٍ لِأُمَّةٍ عَزِيزَةٍ، وَلِلْعَزِيزِ مَعْنَيَانِ: أَحَدُهُمَا: الْقَاهِرُ، وَالْقُرْآنُ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَهَرَ الْأَعْدَاءَ وَامْتَنَعَ عَلَى مَنْ أَرَادَ مُعَارَضَتَهُ.
وَالثَّانِي: أَنْ لا يوجد مثله.
تسمية القرآن بالكريم:
الثَّلَاثُونَ: الْكَرِيمُ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ [الْوَاقِعَةِ: ٧٧] وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى سَمَّى سَبْعَةَ أَشْيَاءَ بِالْكَرِيمِ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ [الِانْفِطَارِ: ٦] إِذْ لَا جَوَادَ أَجْوَدُ مِنْهُ، وَالْقُرْآنُ بِالْكَرِيمِ، لِأَنَّهُ لَا يُسْتَفَادُ مِنْ كِتَابٍ مِنَ الْحِكَمِ وَالْعُلُومِ مَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ، وَسَمَّى مُوسَى كَرِيمًا وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ [الدُّخَانِ: ١٧] وَسَمَّى ثَوَابَ الْأَعْمَالِ كَرِيمًا فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ [يس: ١١] وَسَمَّى عرشه كريماً اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [النَّمْلِ: ٢٦] لِأَنَّهُ مَنْزِلُ الرَّحْمَةِ، وَسَمَّى جِبْرِيلَ كَرِيمًا إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ [التكوير: ١٩] وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ عَزِيزٌ، وَسَمَّى كِتَابَ سُلَيْمَانَ كَرِيمًا إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ [النَّمْلِ: ٢٩] فَهُوَ كِتَابٌ كَرِيمٌ مِنْ رَبٍّ كَرِيمٍ نَزَلَ بِهِ مَلَكٌ كَرِيمٌ عَلَى نَبِيٍّ كَرِيمٍ لِأَجْلِ أُمَّةٍ كَرِيمَةٍ، فَإِذَا تَمَسَّكُوا بِهِ نَالُوا ثَوَابًا كَرِيمًا.
ومن أسمائه «العظيم» :
الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: الْعَظِيمُ: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ [الحجر: ٨٧] اعلم أَنَّهُ تَعَالَى سَمَّى نَفْسَهُ عَظِيمًا فَقَالَ: وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [الْبَقَرَةِ: ٢٥٥] وَعَرْشَهُ عَظِيمًا وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [التَّوْبَةِ: ١٢٩] وَكِتَابَهُ عَظِيمًا وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ [الْحِجْرِ: ٨٧] وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ عَظِيمًا لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ [الْمُطَفِّفِينَ: ٥، ٦] وَالزَّلْزَلَةَ عَظِيمَةً إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ [الْحَجِّ: ١] وَخُلُقَ الرَّسُولِ عَظِيمًا وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [الْقَلَمِ: ٤] وَالْعِلْمَ عَظِيمًا وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً
[النِّسَاءِ: ١١٣] وَكَيْدَ النِّسَاءِ عَظِيمًا إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ [يوسف: ٢٨] وسحر سحرة/ فرعون عظيماً وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ [الْأَعْرَافِ: ١١٦] وَسَمَّى نَفْسَ الثَّوَابِ عَظِيمًا وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً [الْفَتْحِ: ٢٩] وَسَمَّى عِقَابَ الْمُنَافِقِينَ عظيماً وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ [البقرة: ٧] .
ومنها المبارك:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute