للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْنَا: التَّقْدِيرُ كَأَنَّهُ قِيلَ: إِنَّهُمْ لَمَّا طَلَبُوا هَذِهِ الْمُعْجِزَاتِ ثُمَّ إِنَّكَ لَمْ تُظْهِرْهَا صَارَ عَدَمُ ظُهُورِهَا شُبْهَةً لَهُمْ فِي أَنَّكَ لَسْتَ بِصَادِقٍ فِي دَعْوَى النُّبُوَّةِ إِلَّا أَنَّ وُقُوعَ هَذِهِ الشُّبْهَةِ لَا يُوهِنُ أَمْرَكَ وَلَا يَصِيرُ سَبَبًا لِضِعْفِ حَالِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ ذِكْرَ تِلْكَ الرُّؤْيَا صَارَ سَبَبًا لِوُقُوعِ الشُّبْهَةِ الْعَظِيمَةِ فِي الْقُلُوبِ ثُمَّ إِنَّ قُوَّةَ تِلْكَ الشُّبُهَاتِ مَا أَوْجَبَتْ ضَعْفًا فِي أَمْرِكَ وَلَا فُتُورًا فِي اجْتِمَاعِ الْمُحِقِّينَ عَلَيْكَ فَكَذَلِكَ هَذِهِ الشُّبْهَةُ الْحَاصِلَةُ بِسَبَبِ عَدَمِ ظُهُورِ هَذِهِ الْمُعْجِزَاتِ لَا تُوجِبُ فُتُورًا فِي حَالِكَ، وَلَا ضَعْفًا فِي أَمْرِكَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ ذِكْرُ سَبَبٍ آخَرَ فِي أَنَّهُ تَعَالَى مَا أَظْهَرَ الْمُعْجِزَاتِ الَّتِي اقْتَرَحُوهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ خُوِّفُوا بِمَخَاوِفِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَبِشَجَرَةِ الزَّقُّومِ فَمَا زَادَهُمْ هَذَا التَّخْوِيفُ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى قَسْوَةِ قُلُوبِهِمْ وَتَمَادِيهِمْ فِي الْغَيِّ وَالطُّغْيَانِ، وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَبِتَقْدِيرِ أَنْ يُظْهِرَ اللَّهُ لَهُمْ تِلْكَ الْمُعْجِزَاتِ الَّتِي اقْتَرَحُوهَا لَمْ يَنْتَفِعُوا بِهَا وَلَا يَزْدَادُونَ إِلَّا تَمَادِيًا فِي الْجَهْلِ وَالْعِنَادِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، وَجَبَ فِي الْحِكْمَةِ أَنْ لَا يُظْهِرَ اللَّهُ لَهُمْ مَا اقْتَرَحُوهُ مِنَ الْآيَاتِ وَالْمُعْجِزَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

تم الجزء العشرون، ويليه إن شاء الله تعالى الجزء الحادي والعشرين، وأوله قَوْلُهُ تَعَالَى وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ من سورة الإسراء أعان الله على إكماله

<<  <  ج: ص:  >  >>