للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالذَّوَاتِ وَالصِّفَاتِ، فَإِنَّ هَذِهِ الرُّبُوبِيَّةَ تُوجِبُ الْحَمْدَ وَالثَّنَاءَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ وَالْمَرْبُوبِينَ.

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهَذَا مُشْعِرٌ بِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ التَّكْبِيرَ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ بَعْدَ التَّحْمِيدِ، وَالْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ الْحَامِدِينَ إِذَا حَمِدُوهُ وَجَبَ أَنْ يَعْرِفُوا أَنَّهُ أَعْلَى وَأَكْبَرُ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْحَمْدُ الَّذِي ذَكَرُوهُ لَائِقًا بِإِنْعَامِهِ، بَلْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ حَمْدِ الْحَامِدِينَ، وَأَيَادِيهِ أَعْلَى وَأَجَلُّ مِنْ شُكْرِ الشَّاكِرِينَ وَالثَّانِي: أَنَّ هَذَا الْكِبْرِيَاءَ لَهُ لَا لِغَيْرِهِ، لِأَنَّ وَاجِبَ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ لَيْسَ إِلَّا هُوَ.

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ يَعْنِي أَنَّهُ لِكَمَالِ قُدْرَتِهِ يَقْدِرُ عَلَى خَلْقِ أَيِّ شَيْءٍ أَرَادَ، وَلِكَمَالِ حِكْمَتِهِ يَخُصُّ كُلَّ نَوْعٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ بِآثَارِ الْحِكْمَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْفَضْلِ وَالْكَرَمِ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ يُفِيدُ الْحَصْرَ، فَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْكَامِلَ فِي الْقُدْرَةِ وَفِي الْحِكْمَةِ وَفِي الرَّحْمَةِ لَيْسَ إِلَّا هُوَ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا إِلَهَ لِلْخَلْقِ إِلَّا هُوَ، وَلَا مُحْسِنَ وَلَا مُتَفَضِّلَ إِلَّا هُوَ.

قَالَ مَوْلَانَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: تَمَّ تَفْسِيرُ هَذِهِ السُّورَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثلاث وستمائة، والحمد لله حمدا دائما طَيِّبًا مُبَارَكًا مُخَلَّدًا مُؤَبَّدًا، كَمَا يَلِيقُ بِعُلُوِّ شَأْنِهِ وَبَاهِرِ بُرْهَانِهِ وَعَظِيمِ إِحْسَانِهِ، وَالصَّلَاةُ عَلَى الأرواح الطاهرة المقدسة من ساكني أعالي السموات، وَتُخُومِ الْأَرْضِينَ، مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ وَالْمُوَحِّدِينَ، خُصُوصًا عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أجمعين.

تمّ الجزء السابع والعشرون، ويليه الجزء الثامن والعشرون وأوله سورة الأحقاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>