للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَرَسُولِهِ. وَرَابِعُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ [يُونُسَ: ٢٧] وَلَمْ يَفْصِلْ فِي الْوَعِيدِ بَيْنَ الْكَافِرِ وَغَيْرِهِ. وَخَامِسُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ [التَّوْبَةِ: ٣٤] . وَسَادِسُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ [النِّسَاءِ: ١٨] وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْفَاسِقُ مِنْ أَهْلِ الْوَعِيدِ وَالْعَذَابِ لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الْقَوْلِ مَعْنًى، بَلْ لَمْ يَكُنْ بِهِ إِلَى التَّوْبَةِ حَاجَةٌ، وَسَابِعُهَا:

قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا [الْمَائِدَةِ: ٣٣] فَبَيَّنَ مَا عَلَى الْفَاسِقِ مِنَ الْعَذَابِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَثَامِنُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا أُولئِكَ لَا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ [آلِ عِمْرَانَ: ٧٧] .

النَّوْعُ الرَّابِعُ: مِنَ الْعُمُومَاتِ، قَوْلُهُ تَعَالَى: سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ [آلِ عِمْرَانَ: ١٨٠] تَوَعُّدٌ عَلَى مَنْعِ الزَّكَاةِ.

النَّوْعُ الْخَامِسُ: مِنَ الْعُمُومَاتِ: لَفْظَةُ «كُلٍّ» وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ [يُونُسَ: ٥٤] فَبَيَّنَ مَا يَسْتَحِقُّ الظَّالِمُ عَلَى ظُلْمِهِ.

النَّوْعُ السَّادِسُ: مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَفْعَلَ مَا تَوَعَّدَهُمْ بِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: قالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [ق: ٢٨، ٢٩] بَيَّنَ أَنَّهُ لَا يُبَدَّلُ قَوْلُهُ فِي الْوَعِيدِ وَالِاسْتِدْلَالُ بِالْآيَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ الْعِلَّةَ فِي إِزَاحَةِ الْعُذْرِ تَقْدِيمَ الْوَعِيدِ، أَيْ بَعْدَ تَقْدِيمِ الْوَعِيدِ لَمْ يَبْقَ لِأَحَدٍ عِلَّةٌ وَلَا مَخْلَصٌ مِنْ عَذَابِهِ، وَالثَّانِي: قَوْلُهُ تَعَالَى: مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ تَعَالَى لَا بُدَّ وَأَنْ يَفْعَلَ مَا دَلَّ اللَّفْظُ عَلَيْهِ، فَهَذَا مَجْمُوعُ مَا تَمَسَّكُوا بِهِ مِنْ عُمُومَاتِ الْقُرْآنِ. أَمَّا عُمُومَاتُ الْأَخْبَارِ فَكَثِيرَةٌ.

فَالنَّوْعُ الْأَوَّلُ: الْمَذْكُورُ بِصِيغَةِ «مَنْ» أَحَدُهَا: مَا

رَوَى وَقَّاصُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «من أَكَلَ بِأَخِيهِ أَكْلَةً أَطْعَمَهُ اللَّهُ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ، وَمَنْ أَخَذَ بِأَخِيهِ كِسْوَةً كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ وَمَنْ قَامَ مَقَامَ رِيَاءٍ وَسُمْعَةٍ أَقَامَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَقَامَ رِيَاءٍ وَسُمْعَةٍ» ،

وَهَذَا نَصٌّ فِي وَعِيدِ الْفَاسِقِ، وَمَعْنَى أَقَامَهُ: أَيْ جَازَاهُ عَلَى ذَلِكَ، وَثَانِيهَا:

قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَنْ كَانَ ذَا لِسَانَيْنِ وَذَا وَجْهَيْنِ كَانَ فِي النَّارِ ذَا لِسَانَيْنِ وَذَا وَجْهَيْنِ»

وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ الْمُنَافِقِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَثَالِثُهَا:

عَنْ سَعِيدِ بْنِ زيد قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَنْ ظَلَمَ قَيْدَ شِبْرٍ مِنْ/ أَرْضٍ طُوِّقَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ،

وَرَابِعُهَا:

عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَاجَرَ السُّوءَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَبْدٌ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ» .

وَهَذَا الْخَبَرُ يَدُلُّ عَلَى وَعِيدِ الْفَاسِقِ الظَّالِمِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُؤْمِنٍ وَلَا مُسْلِمٍ عَلَى مَا يَقُولُهُ الْمُعْتَزِلَةُ مِنَ الْمَنْزِلَةِ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ. وَخَامِسُهَا:

عَنْ ثَوْبَانَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَرِيئًا مِنْ ثَلَاثَةٍ، دَخَلَ الْجَنَّةَ: الْكِبْرِ وَالْغُلُولِ وَالدَّيْنِ» ،

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صَاحِبَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الْكَلَامِ مَعْنًى، وَالْمُرَادُ مِنَ الدَّيْنِ مَنْ مَاتَ عَاصِيًا مَانِعًا وَلَمْ يُرِدِ التَّوْبَةَ وَلَمْ يَتُبْ عَنْهُ. وَسَادِسُهَا:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ بِهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ» .

وَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ الثَّوَابَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالطَّاعَةِ، وَالْخَلَاصَ مِنَ النَّارِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَسَابِعُهَا:

عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ