قَتْلِ الْكُفَّارِ هَكَذَا فَمَا ظَنُّكَ بِقَتْلِ أَوْلَادِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ:
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ»
وَإِذَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ وَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَفِيها مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ [الزُّخْرُفِ: ٧١] .
النَّوْعُ الثَّانِي: مِنَ الْعُمُومَاتِ الْإِخْبَارِيَّةِ الْوَارِدَةِ لَا بِصِيغَةِ «مَنْ» وَهِيَ كَثِيرَةٌ جِدًّا، الْأَوَّلُ:
عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِسْكِينٌ مُتَكَبِّرٌ وَلَا شَيْخٌ زَانٍ وَلَا مَنَّانٌ عَلَى اللَّهِ بِعَمَلِهِ» ،
وَمَنْ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ بِالْإِجْمَاعِ. الثَّانِي:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «ثَلَاثَةٌ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الشَّهِيدُ، وَعَبْدٌ نَصَحَ سَيِّدَهُ وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ، وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ، وَثَلَاثَةٌ يَدْخُلُونَ النَّارَ: أَمِيرٌ مُسَلَّطٌ، وَذُو ثَرْوَةٍ مِنْ مَالٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّ اللَّهِ، وَفَقِيرٌ فَخُورٌ» .
الثَّالِثُ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحِمَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَامَتِ الرَّحِمُ، فَقَالَتْ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ مِنَ/ الْقَطِيعَةِ، قَالَ:
نَعَمْ أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى. قَالَ: فَهُوَ ذَاكَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
فاقرؤوا إِنْ شِئْتُمْ، فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ، أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ [مُحَمَّدٍ: ٢٣] ،
وَهَذَا نَصٌّ فِي وَعِيدِ قَاطِعِ الرَّحِمِ وَتَفْسِيرِ الْآيَةِ،
وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (أَنَا الرَّحْمَنُ خَلَقْتُ الرَّحِمَ وَشَقَقْتُ لَهَا اسْمًا مِنِ اسْمِي فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعْتُهُ) .
وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: «مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُهُ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ» .
الرَّابِعُ:
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِبَعْضِ الْحَاضِرِينَ: «مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا. قَالَ: فَمَا حَقُّهُمْ عَلَى اللَّهِ إذا فعلوا ذلك؟ قَالَ: أَنْ يَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا يُعَذِّبَهُمْ» .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَى الشَّرْطِ عَدَمٌ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَغْفِرَ لَهُمْ إِذَا لَمْ يَعْبُدُوهُ. الْخَامِسُ:
عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا اقْتَتَلَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
السَّادِسُ:
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» .
السَّابِعُ:
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُبْغِضُ أَهْلَ الْبَيْتِ رَجُلٌ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ» ،
وإذا استحقوا النار ببعضهم فَلَأَنْ يَسْتَحِقُّوهَا بِقَتْلِهِمْ أَوْلَى. الثَّامِنُ:
فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّا خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَامِ خَيْبَرَ إِلَى أَنْ كُنَّا بِوَادِي الْقُرَى، فَبَيْنَمَا يَحْفَظُ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ وَقَتَلَهُ فَقَالَ النَّاسُ هَنِيئًا له الجنة، قال رسول الله: «كَلَّا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَهَا يَوْمَ حُنَيْنٍ مِنَ الْغَنَائِمِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا» .
فَلَمَّا سَمِعَ النَّاسُ بِذَلِكَ جَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ أَوْ بِشِرَاكَيْنِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: شِرَاكٌ مِنْ نار أو شراكين مِنَ النَّارِ.
التَّاسِعُ:
عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: مُدْمِنُ الْخَمْرِ وَقَاطِعُ الرَّحِمِ وَمُصَدِّقُ السِّحْرِ» .
الْعَاشِرُ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ لَهُ مَالٌ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهُ إِلَّا جَمَعَ اللَّهُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ صَفَائِحَ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ يُكْوَى بِهَا جَبْهَتُهُ وَظَهْرُهُ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ بَيْنَ عِبَادِهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ» .
هَذَا مَجْمُوعُ اسْتِدْلَالِ الْمُعْتَزِلَةِ بِعُمُومَاتِ الْقُرْآنِ وَالْأَخْبَارِ. أَجَابَ أَصْحَابُنَا عَنْهَا مِنْ وُجُوهٍ. أَوَّلُهَا: أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ صِيغَةَ «مَنْ» فِي مَعْرِضِ الشَّرْطِ لِلْعُمُومِ،