للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَوْفٍ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّه، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، ثُمَّ فِي الْآيَةِ مَبَاحِثُ:

الْبَحْثُ الْأَوَّلُ: التَّشْبِيهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْنَى وَالْمُرَادُ كُونُوا كَمَا كَانَ الْحَوَارِيُّونَ.

الثَّانِي: مَا مَعْنَى قَوْلِهِ: مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ؟ نَقُولُ: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ مُطَابِقًا لِجَوَابِ الْحَوَارِيِّينَ وَالَّذِي يُطَابِقُهُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: مَنْ عَسْكَرِيٍّ مُتَوَجِّهًا إِلَى نُصْرَةِ اللَّه، وَإِضَافَةُ أَنْصارِي خِلَافَ إِضَافَةِ أَنْصارَ اللَّهِ لِمَا أَنَّ الْمَعْنَى فِي الْأَوَّلِ: الَّذِينَ يَنْصُرُونَ اللَّه، وَفِي الثَّانِي: الَّذِينَ يَخْتَصُّونَ بِي وَيَكُونُونَ مَعِي فِي نُصْرَةِ اللَّه.

الثَّالِثُ: أَصْحَابُ عِيسَى قَالُوا: نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ وَأَصْحَابُ مُحَمَّدٍ لَمْ يَقُولُوا هَكَذَا، نَقُولُ: خِطَابُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِطَرِيقِ السُّؤَالِ فَالْجَوَابُ لَازِمٌ، وَخِطَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَرِيقِ الْإِلْزَامِ، فَالْجَوَابُ غَيْرُ لَازِمٍ، بَلِ اللَّازِمُ هُوَ امْتِثَالُ هَذَا الْأَمْرِ، وَهُوَ قوله تعالى: كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ.

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَعْنِي الَّذِينَ آمَنُوا فِي زَمَنِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا كَذَلِكَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ تَفَرَّقُوا ثَلَاثَ فِرَقٍ، فِرْقَةٌ قَالُوا: كَانَ اللَّه فَارْتَفَعَ، وَفِرْقَةٌ قَالُوا: كَانَ ابْنَ اللَّه فَرَفَعَهُ إِلَيْهِ، وَفِرْقَةٌ قَالُوا: كَانَ عَبْدَ اللَّه وَرَسُولَهُ فَرَفَعَهُ إِلَيْهِ، وَهُمُ الْمُسْلِمُونَ، وَاتَّبَعَ كُلَّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ، وَاجْتَمَعَتِ الطَّائِفَتَانِ الْكَافِرَتَانِ عَلَى الطَّائِفَةِ الْمُسْلِمَةِ فَقَتَلُوهُمْ وَطَرَدُوهُمْ فِي الْأَرْضِ، فَكَانَتِ الْحَالَةُ هَذِهِ حَتَّى بَعَثَ اللَّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَظَهَرَتِ الْمُؤْمِنَةُ عَلَى الْكَافِرَةِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ:

فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ يَعْنِي مَنِ اتَّبَعَ عِيسَى، وَهُوَ قَوْلُ الْمُقَاتِلَيْنِ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ مَعْنَى الْآيَةِ: أَنَّ مَنْ آمَنَ بِعِيسَى ظَهَرُوا عَلَى مَنْ كَفَرُوا بِهِ فَأَصْبَحُوا غَالِبِينَ عَلَى أَهْلِ الْأَدْيَانِ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: أَصْبَحَتْ حُجَّةُ مَنْ آمَنَ بِعِيسَى ظَاهِرَةً بِتَصْدِيقِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ عِيسَى كَلِمَةُ اللَّه وَرُوحُهُ، قَالَ الْكَلْبِيُّ: ظَاهِرِينَ بِالْحُجَّةِ، وَالظُّهُورُ بِالْحُجَّةِ هُوَ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، واللَّه أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَالْحَمْدُ للَّه رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أجمعين.

انتهى الجزء التاسع والعشرون ويليه الجزء الثلاثون، وأوله تفسير سورة الجمعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>