الْجَوَابُ: لِأَنَّ أَعْمَالَ الْجَوَارِحِ تَابِعَةٌ لِأَعْمَالِ الْقَلْبِ فَإِنَّهُ لَوْلَا الْبَوَاعِثُ وَالْإِرَادَاتُ فِي الْقُلُوبِ لَمَا حَصَلَتْ أَفْعَالُ الْجَوَارِحِ، وَلِذَلِكَ إِنَّهُ تَعَالَى جَعَلَهَا الْأَصْلَ فِي الذَّمِّ فَقَالَ: آثِمٌ قَلْبُهُ [الْبَقَرَةِ: ٢٨٣] وَالْأَصْلُ فِي الْمَدْحِ، فَقَالَ: وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ [الْأَنْفَالِ: ٢] .
السُّؤَالُ الثَّالِثُ: لِمَ قَالَ: وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ وَلَمْ يَقُلْ: وَحُصِّلَ مَا فِي الْقُلُوبِ؟ الْجَوَابُ: لِأَنَّ الْقَلْبَ مَطِيَّةُ الرُّوحِ وَهُوَ بِالطَّبْعِ مُحِبٌّ لِمَعْرِفَةِ اللَّهِ وَخِدْمَتِهِ، إِنَّمَا الْمُنَازِعُ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ النَّفْسُ وَمَحِلُّهَا مَا يَقْرُبُ مِنَ الصَّدْرِ، وَلِذَلِكَ قَالَ: يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ [النَّاسِ: ٥] وَقَالَ: أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ [الزُّمَرِ: ٢٢] فَجَعَلَ الصَّدْرَ مَوْضِعًا لِلْإِسْلَامِ.
السُّؤَالُ الرَّابِعُ: الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ عَائِدٌ إِلَى الْإِنْسَانِ وَهُوَ وَاحِدٌ وَالْجَوَابُ: الْإِنْسَانُ فِي مَعْنَى الْجَمْعِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ [الْعَصْرِ: ٢] ثُمَّ قَالَ: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا [الْعَصْرِ: ٣] وَلَوْلَا أَنَّهُ لِلْجَمْعِ وَإِلَّا لَمَا صَحَّ ذَلِكَ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ بَقِيَ مِنْ مَبَاحِثِ هَذِهِ الْآيَةِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ تَعَالَى عَالِمًا بِالْجُزْئِيَّاتِ الزَّمَانِيَّاتِ، لِأَنَّهُ تَعَالَى نَصَّ عَلَى كَوْنِهِ عَالِمًا بِكَيْفِيَّةِ أَحْوَالِهِمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَيَكُونُ مُنْكِرُهُ كَافِرًا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: نُقِلَ أَنَّ الْحَجَّاجَ سَبَقَ عَلَى لِسَانِهِ أَنَّ بِالنَّصْبِ، فَأَسْقَطَ اللَّامَ مِنْ قَوْلِهِ: لَخَبِيرٌ حَتَّى لَا يَكُونَ الْكَلَامُ لَحْنًا، وَهَذَا يُذْكَرُ فِي تَقْرِيرِ فَصَاحَتِهِ، فَزَعَمَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنَّ هَذَا كُفْرٌ لِأَنَّهُ قَصْدٌ لِتَغْيِيرِ الْمُنْزَلِ.
ونقل عن أبي السماءل أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وصحبه وسلم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute