للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْيَمَنِ وَسَائِرُ بِلَادِ الْعَرَبِ، فِيمَا بَيْنَ مَسَافَةِ ألف وخمسائة مَيْلٍ. الرَّابِعُ: يَخْرُجُ مِنْهُ خَلِيجٌ آخَرُ إِلَى أَقْصَى بِلَادِ الْهِنْدِ وَيُسَمَّى الْخَلِيجَ الْأَخْضَرَ طُولُهُ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ مِيلٍ قَالُوا: وَفِي جَزِيرَةِ بَحْرِ الْهِنْدِ مِنَ الْجَزَائِرِ الْعَامِرَةِ وَغَيْرِ الْعَامِرَةِ: أَلْفٌ وَثَلَاثُمِائَةٍ وَسَبْعُونَ جَزِيرَةً مِنْهَا جَزِيرَةٌ ضَخْمَةٌ فِي أَقْصَى الْبَحْرِ مُقَابِلَ أَرْضِ الْهِنْدِ فِي نَاحِيَةِ الْمَشْرِقِ عِنْدَ بِلَادِ الصِّينِ وَهِيَ: سَرَنْدِيبُ، يُحِيطُ بِهَا ثَلَاثَةُ آلَافِ مِيلٍ فِيهَا جِبَالٌ عَظِيمَةٌ وَأَنْهَارٌ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا يَخْرُجُ الْيَاقُوتُ الْأَحْمَرُ، وَحَوْلَ هَذِهِ الْجَزِيرَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ جَزِيرَةً عَامِرَةً، فِيهَا مَدَائِنُ عَامِرَةٌ وَقُرًى كَثِيرَةٌ وَمِنْ جَزَائِرِ هَذَا الْبَحْرِ جَزِيرَةُ كِلَّةَ، الَّتِي يُجْلَبُ مِنْهَا الرَّصَاصُ الْقَلْعِيُّ، وَجَزِيرَةُ سَرِيرَةَ الَّتِي يُجْلَبُ مِنْهَا الْكَافُورُ.

وَأَمَّا بَحْرُ الْمَغْرِبِ: فَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى بِالْمُحِيطِ وَتُسَمِّيهِ الْيُونَانِيُّونَ: أُوقْيَانُوسَ، وَيَتَّصِلُ بِهِ بَحْرُ الْهِنْدِ وَلَا يُعْرَفُ طَرَفُهُ إِلَّا فِي نَاحِيَةِ الْمَغْرِبِ وَالشَّمَالِ، عِنْدَ مُحَاذَاةِ أَرْضِ الرُّوسِ وَالصَّقَالِبَةِ فَيَأْخُذُ مِنْ أَقْصَى الْمُنْتَهَى فِي الْجَنُوبِ، مُحَاذِيًا لِأَرْضِ السُّودَانِ، مَارًّا عَلَى حُدُودِ السُّوسِ الْأَقْصَى وَطَنْجَةَ، وَتَاهَرْتَ، ثُمَّ الْأَنْدَلُسِ، وَالْجَلَالِقَةِ وَالصَّقَالِبَةِ ثُمَّ يَمْتَدُّ مِنْ هُنَاكَ وَرَاءَ الْجِبَالِ غَيْرِ الْمَسْلُوكَةِ وَالْأَرَاضِي غَيْرِ الْمَسْكُونَةِ نَحْوَ بَحْرِ الْمَشْرِقِ وَهَذَا الْبَحْرُ لَا تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ وَإِنَّمَا تَسْلُكُ بِالْقُرْبِ مِنْ سَوَاحِلِهِ وَفِيهِ سِتُّ جَزَائِرَ مُقَابِلَ أَرْضِ الْحَبَشَةِ تُسَمَّى: جَزَائِرَ الْخَالِدَاتِ، وَيَخْرُجُ مِنْ هَذَا الْبَحْرِ خَلِيجٌ عَظِيمٌ فِي شَمَالِ الصَّقَالِبَةِ، وَيَمْتَدُّ هَذَا الْخَلِيجُ إِلَى أَرْضِ بُلْغَارِ الْمُسْلِمِينَ، طُولُهُ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ ثَلَاثُمِائَةِ مِيلٍ وَعَرْضُهُ مِائَةُ مِيلٍ.

وَأَمَّا بَحْرُ الرُّومِ وَإِفْرِيقِيَّةَ وَمِصْرَ وَالشَّامِ: فَطُولُهُ مِقْدَارُ خَمْسَةِ آلَافِ مِيلٍ، وَعَرْضُهُ سِتُّمِائَةِ مِيلٍ، وَيَخْرُجُ مِنْهُ خَلِيجٌ إِلَى نَاحِيَةِ الشَّمَالِ قَرِيبٌ مِنَ الرُّومِيَّةِ، طُولُهُ خَمْسُمِائَةِ مِيلٍ، وَعَرْضُهُ سِتُّمِائَةٍ، وَيَخْرُجُ مِنْهُ خَلِيجٌ آخَرُ إِلَى أَرْضِ سِرَّيْنِ، طُولُهُ مِائَتَا مِيلٍ، وَفِي هَذَا الْبَحْرِ مِائَةٌ وَاثْنَتَانِ/ وَسِتُّونَ جَزِيرَةً عَامِرَةً، مِنْهَا خَمْسُونَ جَزِيرَةً عِظَامٌ.

وَأَمَّا بَحْرُ نِيطَشَ فَإِنَّهُ يَمْتَدُّ مِنَ اللَّاذِقِيَّةِ إِلَى خَلْفِ قُسْطَنْطِينِيَّةَ، فِي أَرْضِ الرُّوسِ وَالصَّقَالِبَةِ طُولُهُ أَلْفٌ وَثَلَاثُمِائَةِ مِيلٍ، وَعَرْضُهُ ثَلَاثُمَائَةِ مِيلٍ.

وَأَمَّا بَحْرُ جُرْجَانَ فَطُولُهُ مِنَ الْمَغْرِبِ إِلَى الْمَشْرِقِ ثَلَاثُمِائَةِ مِيلٍ، وَعَرْضُهُ سِتُّمَائَةِ مِيلٍ، وَفِيهِ جَزِيرَتَانِ كَانَتَا عَامِرَتَيْنِ فِيمَنْ مَضَى مِنَ الزَّمَانِ وَيُعْرَفُ هَذَا الْبَحْرُ بِبَحْرِ آبُسْكُونَ، لِأَنَّهَا عَلَى فَرْضَتِهِ ثُمَّ يَمْتَدُّ إِلَى طَبَرِسْتَانَ، وَالدَّيْلَمِ، وَالنَّهْرَوَانِ، وَبَابِ الْأَبْوَابِ، وَنَاحِيَةِ أَرَانَ، وَلَيْسَ يَتَّصِلُ بِبَحْرٍ آخَرَ، فَهَذِهِ هِيَ الْبُحُورُ الْعِظَامُ، وَأَمَّا غَيْرُهَا فَبُحَيْرَاتٌ وَبَطَائِحُ، كَبُحَيْرَةِ خَوَارِزْمَ، وَبُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ.

وَحُكِيَ عَنْ أَرِسْطَاطَالِيسَ: أَنَّ بَحْرَ أُوقْيَانُوسَ مُحِيطٌ بِالْأَرْضِ بِمَنْزِلَةِ الْمِنْطَقَةِ لَهَا، فَهَذَا هُوَ الْكَلَامُ الْمُخْتَصَرُ فِي أَمْرِ الْبُحُورِ.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: فِي كَيْفِيَّةِ الِاسْتِدْلَالِ بِجَرَيَانِ الْفُلْكِ فِي الْبَحْرِ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ، وَهِيَ مِنْ وُجُوهٍ. أَحَدُهَا: أَنَّ السُّفُنَ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ تَرْكِيبِ النَّاسِ إِلَّا أَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي خَلَقَ الْآلَاتَ الَّتِي بِهَا يُمْكِنُ تَرْكِيبُ هَذِهِ السُّفُنِ، فَلَوْلَا خَلْقُهُ لَهَا لَمَا أَمْكَنَ ذَلِكَ. وَثَانِيهَا: لَوْلَا الرِّيَاحُ الْمُعِينَةُ عَلَى تَحْرِيكِهَا لَمَا تَكَامَلَ النَّفْعُ بِهَا.

وَثَالِثُهَا: لَوْلَا هَذِهِ الرِّيَاحُ وَعَدَمُ عَصْفِهَا لَمَا بَقِيَتْ وَلَمَا سَلِمَتْ. وَرَابِعُهَا: لَوْلَا تَقْوِيَةُ قُلُوبِ مَنْ يَرْكَبُ هَذِهِ السُّفُنَ لَمَا تَمَّ الْغَرَضُ فَصَيَّرَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ مَصْلَحَةً لِلْعِبَادِ، وَطَرِيقًا لِمَنَافِعِهِمْ وَتِجَارَاتِهِمْ. وَخَامِسُهَا: أَنَّهُ خَصَّ كُلَّ طَرَفٍ مِنْ أَطْرَافِ الْعَالَمِ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ، وَأَحْوَجَ الْكُلَّ إِلَى الْكُلِّ فَصَارَ ذَلِكَ دَاعِيًا يَدْعُوهُمْ إِلَى اقْتِحَامِهِمْ