للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَنَا قَوْلُهُ فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ وَالْوَجْهُ وَالْيَدُ اسْمٌ لِجُمْلَةِ هَذَيْنِ الْعُضْوَيْنِ، وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِالِاسْتِيعَابِ، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: قَدْ ذكرتم في قوله تعالى: وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ أن الباء تفيد التبعيض فكذا هاهنا.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّه: إِذَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْأَرْضِ فَمَا لَمْ يَعْلَقْ بِيَدِهِ شَيْءٌ مِنَ الْغُبَارِ لَمْ يُجْزِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّه. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ رَحِمَهُمَا اللَّه يُجْزِئُهُ.

لَنَا قَوْلُهُ تَعَالَى: فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ وَكَلِمَةُ مِنْهُ تَدُلُّ عَلَى التَّمَسُّحِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ التُّرَابِ كَمَا أَنَّ مَنْ قَالَ: فُلَانٌ يَمْسَحُ مِنَ الدُّهْنِ أَفَادَ هَذَا الْمَعْنَى، وَقَدْ بَالَغْنَا فِي تَقْرِيرِ هَذَا فِي تَفْسِيرِ آيَةِ التَّيَمُّمِ مِنْ سُورَةِ النِّسَاءِ واللَّه أَعْلَمُ.

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّه: لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ إِلَّا بِالتُّرَابِ الْخَالِصِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّه. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّه: يَجُوزُ بِالتُّرَابِ وَبِالرَّمْلِ وَبِالْخَزَفِ الْمَدْقُوقِ وَالْجِصِّ وَالنُّورَةِ وَالزَّرْنِيخِ.

لَنَا مَا رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: الصَّعِيدُ هُوَ التُّرَابُ، وَأَيْضًا التَّيَمُّمُ طَهَارَةٌ غَيْرُ مَعْقُولَةٍ الْمَعْنَى، فَوَجَبَ الِاقْتِصَارُ فِيهِ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ، وَالنَّصُّ الْمُفَصَّلُ إِنَّمَا وَرَدَ فِي التُّرَابِ.

قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «التُّرَابُ طَهُورُ الْمُسْلِمِ وَلَوْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ حِجَجٍ»

وَقَالَ «جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَتُرَابُهَا طَهُورًا»

واللَّه أَعْلَمُ.

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: لَوْ وَقَفَ عَلَى مَهَبِّ الرِّيَاحِ فَسَفَتِ الرِّيَاحُ التُّرَابَ عَلَيْهِ فَأَمَرَّ يَدَهُ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يُمِرَّ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّه أَنَّهُ لَا يَكْفِي. وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ يَكْفِي، لِأَنَّهُ لَمَّا وَصَلَ الْغُبَارُ إِلَى أَعْضَائِهِ ثُمَّ أَمَرَّ الْغُبَارَ عَلَى تِلْكَ الْأَعْضَاءِ فَقَدْ قَصَدَ إِلَى اسْتِعْمَالِ الصَّعِيدِ الطَّيِّبِ فِي أَعْضَائِهِ فَكَانَ كَافِيًا.

الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: الْمَذْهَبُ أَنَّهُ إِذَا يَمَّمَهُ غَيْرُهُ صَحَّ، وَقِيلَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَتَيَمَّمُوا أَمْرٌ/ لَهُ بِالْفِعْلِ وَلَمْ يُوجَدْ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّه: لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ إِلَّا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّه يَجُوزُ.

لنا قوله تعالى: إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ إِلَى قَوْلِهِ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا وَالْقِيَامُ إِلَى الصَّلَاةِ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا.

وَالْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: إِذَا ضَرَبَ رِجْلَهُ حَتَّى ارْتَفَعَ عَنْهُ غُبَارٌ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّه: يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّه لَا يَجُوزُ. حُجَّةُ أَبِي يُوسُفَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً وَالْغُبَارُ الْمُنْفَصِلُ عَنِ التُّرَابِ لَا يُقَالُ إِنَّهُ صَعِيدٌ طَيِّبٌ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يُجْزِيَ.

الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِتُرَابٍ نَجِسٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً وَالنَّجِسُ لَا يَكُونُ طَيِّبًا.

الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّه: الْمُسَافِرُ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ بِقُرْبِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّيَمُّمُ إِلَّا بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>