للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطَّلَبِ عَنِ الْيَمِينِ وَالْيَسَارِ، وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ وَادٍ هَبَطَ إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ جَبَلٌ صَعِدَهُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّه: إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ الْمَاءِ لَمْ يَجِبْ طَلَبُهُ.

لَنَا قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا جَعَلَ عَدَمَ وِجْدَانِ الْمَاءِ شَرْطًا لِجَوَازِ التَّيَمُّمِ، وَعَدَمُ الْوِجْدَانِ مَشْرُوطٌ بِتَقْدِيمِ الطَّلَبِ، فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ الطَّلَبِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: لَا يَصِحُّ الطَّلَبُ إِلَّا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ، فَإِنْ طَلَبَ قَبْلَهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ ثَانِيًا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، إِلَّا أَنْ يَحْصُلَ عِنْدَهُ يَقِينٌ أَنَّ الْأَمْرَ بَقِيَ كَمَا كَانَ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ.

لَنَا قَوْلُهُ تَعَالَى: إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ إِلَى قَوْلِهِ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا فقوله إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ عِبَارَةٌ عَنْ دُخُولِ الْوَقْتِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ فَلَمْ تَجِدُوا عِبَارَةً عَنْ عَدَمِ الْوِجْدَانِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، وَعَدَمُ الْوِجْدَانِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ مَشْرُوطٌ بِحُصُولِ الطَّلَبِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، فَعَلِمْنَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الطَّلَبِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ التَّيَمُّمِ بَدَلًا عَنِ الْوُضُوءِ. وَأَمَّا التَّيَمُّمُ بَدَلًا عَنِ الْغَسْلِ فِي حِقِّ الْجُنُبِ فَعَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ جَوَازُهُ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ. وَعَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ.

لَنَا أَنَّ قَوْلَهُ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُخْتَصًّا بِالْجِمَاعِ أَوْ يَدْخُلُ فِيهِ الْجِمَاعُ، فَوَجَبَ جَوَازُ التَّيَمُّمِ بَدَلًا عَنِ الْغَسْلِ لِقَوْلِهِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّه: لَا يَجْمَعُ بِالتَّيَمُّمِ بَيْنَ فَرْضَيْنِ وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ كَمَا فِي الْوُضُوءِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: يَجْمَعُ بَيْنَ الْفَوَائِتِ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ صلاتي وقتين.

حجة الشافعي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا إِلَى قَوْلِهِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا.

وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ أَنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي الْأَمْرَ بِكُلِّ وُضُوءٍ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ إِنْ وُجِدَ الْمَاءُ، وَبِالتَّيَمُّمِ إِنْ فُقِدَ الْمَاءُ، تُرِكَ الْعَمَلُ بِهِ فِي الْوُضُوءِ لِفِعْلِ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَبْقَى فِي التَّيَمُّمِ عَلَى مُقْتَضَى ظَاهِرِ الْآيَةِ.

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّه: إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَيَتَوَقَّعُ وِجْدَانَهُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى: بَلْ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ إِلَى آخِرِ الْوَقْتِ.

حُجَّةُ الشَّافِعِيِّ: قوله إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ إِلَى قَوْلِهِ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً وَقَوْلُهُ إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ الْقِيَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، بَلِ الْمُرَادُ دُخُولُ وَقْتِ الصَّلَاةِ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عِنْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ.

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: إِذَا وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ التَّيَمُّمِ وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ. وَقَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَالشَّعْبِيُّ: لَا يَبْطُلُ.

لَنَا قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ إِلَى قَوْلِهِ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا شَرَطَ عَدَمَ وِجْدَانِ الْمَاءِ بِجَوَازِ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ، وَمَنْ وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ التَّيَمُّمِ وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ فَقَدْ فَاتَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>