للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْأَسْمَاءِ، وَيَنْتَقِضُ بِلَفْظِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ.

التَّعْرِيفُ الثَّانِي: أَنَّهُ الَّذِي أُسْنِدَ إِلَى شَيْءٍ وَلَا يُسْتَنَدُ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَيَنْتَقِضُ بِإِذَا وَكَيْفَ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ يَجِبُ إِسْنَادُهَا إِلَى شَيْءٍ آخَرَ، وَيَمْتَنِعُ اسْتِنَادُ شَيْءٍ آخَرَ إِلَيْهَا.

التَّعْرِيفُ الثَّالِثُ: قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الْفِعْلُ مَا دَلَّ عَلَى اقْتِرَانِ حَدَثٍ بِزَمَانٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ لِوَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ:

أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُقَالَ: «كَلِمَةٌ دَالَّةٌ عَلَى اقْتِرَانِ حَدَثٍ بِزَمَانٍ» وَإِنَّمَا يَجِبُ ذِكْرُ الْكَلِمَةِ لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أنا لو لم نقل بذلك لا لَانْتَقَضَ بِقَوْلِنَا اقْتِرَانُ حَدَثٍ بِزَمَانٍ فَإِنَّ مَجْمُوعَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ دَالٌّ عَلَى اقْتِرَانِ حَدَثٍ بِزَمَانٍ مَعَ أَنَّ هَذَا الْمَجْمُوعَ لَيْسَ بِفِعْلٍ، أَمَّا إِذَا قَيَّدْنَاهُ بِالْكَلِمَةِ انْدَفَعَ هَذَا السُّؤَالُ، لِأَنَّ مَجْمُوعَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ لَيْسَ كَلِمَةً وَاحِدَةً.

وَثَانِيهَا: أنا لو لم نذكر ذلك لا لَانْتَقَضَ بِالْخَطِّ وَالْعَقْدِ وَالْإِشَارَةِ، وَثَالِثُهَا: أَنَّ الْكَلِمَةَ لَمَّا كَانَتْ كَالْجِنْسِ الْقَرِيبِ لِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَالْجِنْسُ الْقَرِيبُ وَاجِبُ الذِّكْرِ فِي الْحَدِّ. الْوَجْهُ الثَّانِي مَا نَذْكُرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ.

التَّعْرِيفُ الرَّابِعُ: الْفِعْلُ كَلِمَةٌ دَالَّةٌ عَلَى ثُبُوتِ الْمَصْدَرِ لِشَيْءٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فِي زَمَانٍ مُعَيَّنٍ، وَإِنَّمَا قُلْنَا كَلِمَةٌ لِأَنَّهَا هِيَ الْجِنْسُ الْقَرِيبُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا دَالَّةٌ عَلَى ثُبُوتِ الْمَصْدَرِ وَلَمْ نَقُلْ دَالَّةٌ عَلَى ثُبُوتِ شَيْءٍ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ قَدْ يَكُونُ أَمْرًا ثَابِتًا كَقَوْلِنَا ضَرَبَ وَقَتَلَ وَقَدْ يَكُونُ عَدَمِيًّا مِثْلَ فَنِيَ وَعَدِمَ فَإِنَّ مَصْدَرَهُمَا الْفَنَاءُ وَالْعَدَمُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا بِشَيْءٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ لِأَنَّا سَنُقِيمُ الدَّلِيلَ عَلَى أَنَّ هَذَا الْمِقْدَارَ مُعْتَبَرٌ، وَإِنَّمَا قُلْنَا فِي زَمَانٍ مُعَيَّنٍ احْتِرَازًا عَنِ الْأَسْمَاءِ. وَاعْلَمْ أَنَّ فِي هَذِهِ الْقُيُودِ مُبَاحَثَاتٍ: الْقَيْدُ الْأَوَّلُ: هُوَ قَوْلُنَا: «يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الْمَصْدَرِ لِشَيْءٍ» فِيهِ إِشْكَالَاتٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّا إِذَا قُلْنَا خَلَقَ اللَّهُ الْعَالَمَ فَقَوْلُنَا خَلَقَ إِمَّا أَنْ يَدُلَّ عَلَى ثُبُوتِ الْخَلْقِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَوْ لَا يَدُلَّ، فَإِنْ لَمْ يَدُلَّ بَطَلَ ذَلِكَ الْقَيْدُ، وَإِنْ دَلَّ فَذَلِكَ الْخَلْقُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُغَايِرًا لِلْمَخْلُوقِ، وَهُوَ إِنْ كَانَ مُحْدَثًا افْتَقَرَ إِلَى خَلْقٍ آخَرَ وَلَزِمَ التَّسَلْسُلُ، وَإِنْ كَانَ قَدِيمًا لَزِمَ قِدَمُ الْمَخْلُوقِ. وَالثَّانِي: / أَنَّا إِذَا قُلْنَا وُجِدَ الشَّيْءُ فَهَلْ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى حُصُولِ الْوُجُودِ لِشَيْءٍ أَوْ لَمْ يَدُلَّ؟ فَإِنْ لَمْ يَدُلَّ بَطَلَ هَذَا الْقَيْدُ، وَإِنْ دَلَّ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْوُجُودُ حَاصِلًا لِشَيْءٍ غَيْرِهِ، وَذَلِكَ الْغَيْرُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حَاصِلًا فِي نَفْسِهِ لِأَنَّ مَا لَا حُصُولَ لَهُ فِي نَفْسِهِ امْتَنَعَ حُصُولُ غَيْرِهِ لَهُ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ حُصُولُ الْوُجُودِ لَهُ مَسْبُوقًا بِحُصُولٍ آخَرَ إِلَى غَيْرِ النِّهَايَةِ، وَهُوَ مُحَالٌ. وَالثَّالِثُ: إِذَا قُلْنَا عَدِمَ الشَّيْءُ وَفَنِيَ فَهَذَا يَقْتَضِي حُصُولَ الْعَدَمِ وَحُصُولَ الْفَنَاءِ لِتِلْكَ الْمَاهِيَّةِ، وَذَلِكَ مُحَالٌ، لِأَنَّ الْعَدَمَ وَالْفَنَاءَ نَفْيٌ مَحْضٌ فَكَيْفَ يُعْقَلُ حُصُولُهُمَا لِغَيْرِهِمَا وَالرَّابِعُ: أَنَّ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْوُجُودُ زَائِدًا عَلَى الْمَاهِيَّةِ فَإِنَّهُ يُصَدِّقُ قَوْلَنَا: «أَنَّهُ حَصَلَ الْوُجُودُ لِهَذِهِ الْمَاهِيَّةِ» فَيَلْزَمُ حُصُولُ وُجُودٍ آخَرَ لِذَلِكَ الْوُجُودِ إِلَى غَيْرِ نِهَايَةٍ، وَهُوَ مُحَالٌ، وَأَمَّا عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْوُجُودُ نَفْسَ الْمَاهِيَّةِ فَإِنَّ قَوْلَنَا: حَدَثَ الشَّيْءُ وَحَصَلَ فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي حُصُولَ وُجُودٍ لِذَلِكَ الشَّيْءِ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْوُجُودُ زَائِدًا عَلَى الْمَاهِيَّةِ، وَنَحْنُ الْآنَ إِنَّمَا نَتَكَلَّمُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الْوُجُودَ نَفْسُ الْمَاهِيَّةِ.

وَأَمَّا الْقَيْدُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُنَا: «فِي زَمَانٍ مُعَيَّنٍ» فَفِيهِ سُؤَالَاتٌ أَحَدُهَا: أَنَّا إِذَا قُلْنَا: «وُجِدَ الزَّمَانُ» أَوْ قُلْنَا:

«فَنِيَ الزَّمَانُ» فَهَذَا يَقْتَضِي حُصُولَ الزَّمَانِ فِي زَمَانٍ آخَرَ، وَلَزِمَ التَّسَلْسُلُ، فَإِنْ قَالُوا: يَكْفِي فِي صِحَّةِ هَذَا الْحَدِّ كَوْنُ الزَّمَانِ وَاقِعًا فِي زَمَانٍ آخَرَ بِحَسَبِ الْوَهْمِ الْكَاذِبِ، قُلْنَا: النَّاسُ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ قَوْلَنَا حَدَثَ الزَّمَانُ وَحَصَلَ بَعْدَ أَنْ كَانَ مَعْدُومًا كَلَامٌ حَقٌّ لَيْسَ فِيهِ بَاطِلٌ وَلَا كَذِبٌ، وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قُلْتُمْ لَزِمَ كَوْنُهُ بَاطِلًا وَكَذِبًا، وَثَانِيهَا:

أَنَّا إِذَا قُلْنَا: كَانَ الْعَالَمُ مَعْدُومًا فِي الْأَزَلِ، فَقَوْلُنَا: كَانَ فِعْلٌ فَلَوْ أَشْعَرَ ذَلِكَ بِحُصُولِ الزَّمَانِ لَزِمَ حُصُولُ الزَّمَانِ فِي الْأَزَلِ، وَهُوَ مُحَالٌ، فَإِنْ قَالُوا: ذَلِكَ الزَّمَانُ مُقَدَّرٌ لَا مُحَقَّقٌ، قُلْنَا التَّقْدِيرُ الذِّهْنِيُّ إِنْ طَابَقَ الْخَارِجَ عاد