للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِمُسَاءَلَتِهِمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَى اللَّهِ اسْتِفْتَاءً مِنْهُمْ، وَأَمَّا الْحُكَمَاءُ فَهُمُ الْعَالِمُونَ بِاللَّهِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ أَوَامِرَ اللَّهِ فَأَمَرَ بِمُخَالَطَتِهِمْ وَأَمَّا الْكُبَرَاءُ فَهُمُ الْعَالِمُونَ بِاللَّهِ وَبِأَحْكَامِ اللَّهِ فَأَمَرَ بِمُجَالَسَتِهِمْ لِأَنَّ فِي تِلْكَ الْمُجَالَسَةِ مَنَافِعَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، ثُمَّ قَالَ شَقِيقٌ الْبَلْخِيُّ: لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ أَمَّا الْعَالِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ فَلَهُ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ أَنْ يَكُونَ ذَاكِرًا بِاللِّسَانِ دُونَ الْقَلْبِ، وَأَنْ يَكُونَ خَائِفًا مِنَ الخلق دون الرب، وأن يستحي من الناس في الظاهر ولا يستحي مِنَ اللَّهِ فِي السِّرِّ، وَأَمَّا الْعَالِمُ بِاللَّهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ ذَاكِرًا خَائِفًا مُسْتَحْيِيًا. أَمَّا الذِّكْرُ فَذِكْرُ الْقَلْبِ لَا ذِكْرُ اللِّسَانِ، وَأَمَّا الْخَوْفُ فَخَوْفُ الرِّيَاءِ لَا خَوْفُ الْمَعْصِيَةِ، وَأَمَّا الْحَيَاءُ فَحَيَاءُ مَا يَخْطُرُ عَلَى الْقَلْبِ لَا حَيَاءُ الظَّاهِرِ، وَأَمَّا الْعَالِمُ بِاللَّهِ وَبِأَمْرِ اللَّهِ فَلَهُ سِتَّةُ أَشْيَاءَ الثَّلَاثَةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا لِلْعَالِمِ بِاللَّهِ فَقَطْ مَعَ ثَلَاثَةٍ أُخْرَى كَوْنُهُ جَالِسًا عَلَى الْحَدِّ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ عَالَمِ الْغَيْبِ وَعَالَمِ الشَّهَادَةِ، وَكَوْنُهُ مُعَلِّمًا لِلْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَكَوْنُهُ بِحَيْثُ يَحْتَاجُ الْفَرِيقَانِ الْأَوَّلَانِ إِلَيْهِ وَهُوَ يَسْتَغْنِي عَنْهُمَا، ثُمَّ قَالَ: مَثَلُ الْعَالِمِ بِاللَّهِ وَبِأَمْرِ اللَّهِ كَمَثَلِ الشَّمْسِ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ، وَمَثَلُ الْعَالِمِ بالله فقد كَمَثَلِ الْقَمَرِ يَكْمُلُ تَارَةً وَيَنْقُصُ تَارَةً أُخْرَى، وَمَثَلُ الْعَالِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ فَقَطْ كَمَثَلِ السِّرَاجِ يُحْرِقُ نَفْسَهُ وَيُضِيءُ لِغَيْرِهِ «ز» قَالَ فَتْحٌ الْمَوْصِلِيُّ: أَلَيْسَ الْمَرِيضُ إِذَا امْتَنَعَ عَنْهُ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ وَالدَّوَاءُ يَمُوتُ؟ فَكَذَا الْقَلْبُ إِذَا امْتَنَعَ عَنْهُ الْعِلْمُ وَالْفِكْرُ وَالْحِكْمَةُ يَمُوتُ «ح» قَالَ شَقِيقٌ الْبَلْخِيُّ: النَّاسُ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلِسِي عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ: كَافِرٌ مَحْضٌ، وَمُنَافِقٌ مَحْضٌ، وَمُؤْمِنٌ مَحْضٌ، وَذَلِكَ لِأَنِّي أُفَسِّرُ الْقُرْآنَ فَأَقُولُ عَنِ اللَّهِ وَعَنِ الرَّسُولِ فَمَنْ لَا يُصَدِّقُنِي فَهُوَ كَافِرٌ مَحْضٌ، وَمَنْ ضَاقَ قَلْبُهُ مِنْهُ فَهُوَ مُنَافِقٌ مَحْضٌ، وَمِنْ نَدِمَ عَلَى مَا صَنَعَ/ وَعَزَمَ عَلَى أَنْ لَا يُذْنِبَ كَانَ مُؤْمِنًا مَحْضًا. وَقَالَ أَيْضًا: ثَلَاثَةٌ مِنَ النَّوْمِ يُبْغِضُهَا اللَّهُ تَعَالَى. وَثَلَاثَةٌ مِنَ الضَّحِكِ: النَّوْمُ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَقَبْلَ صَلَاةِ الْعَتَمَةِ. وَالنَّوْمُ فِي الصَّلَاةِ، وَالنَّوْمُ عِنْدَ مَجْلِسِ الذِّكْرِ، وَالضَّحِكُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ، وَالضَّحِكُ فِي الْمَقَابِرِ، وَالضَّحِكُ فِي مَجْلِسِ الذِّكْرِ «ط» قَالَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً [الرعد: ١٧] السيل هاهنا الْعِلْمُ، شَبَّهَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْمَاءِ لِخَمْسِ خِصَالٍ: أَحَدُهَا: كَمَا أَنَّ الْمَطَرَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ كَذَلِكَ الْعِلْمُ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ. وَالثَّانِي: كَمَا أَنَّ إِصْلَاحَ الْأَرْضِ بِالْمَطَرِ فَإِصْلَاحُ الْخَلْقِ بِالْعِلْمِ، الثَّالِثُ: كَمَا أَنَّ الزَّرْعَ وَالنَّبَاتَ لَا يَخْرُجُ بِغَيْرِ الْمَطَرِ كَذَلِكَ الْأَعْمَالُ وَالطَّاعَاتُ لَا تَخْرُجُ بِغَيْرِ الْعِلْمِ. وَالرَّابِعُ: كَمَا أَنَّ الْمَطَرَ فَرْعُ الرعد والبرق كذلك العلم فإنه فرغ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ. الْخَامِسُ: كَمَا أَنَّ الْمَطَرَ نَافِعٌ وَضَارٌّ، كَذَلِكَ الْعِلْمُ نَافِعٌ وَضَارٌّ: نَافِعٌ لِمَنْ عَمِلَ بِهِ ضَارٌّ لِمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ «ي» كَمْ مِنْ مُذَكِّرٍ بِاللَّهِ نَاسٍ لِلَّهِ، وَكَمْ مِنْ مُخَوِّفٍ بِاللَّهِ، جَرِيءٌ عَلَى اللَّهِ، وَكَمْ مِنْ مُقَرِّبٍ إِلَى اللَّهِ بَعِيدٌ عَنِ اللَّهِ، وَكَمْ مِنْ دَاعٍ إِلَى اللَّهِ فَارٌّ مِنَ اللَّهِ، وَكَمْ مِنْ تَالٍ كِتَابَ اللَّهِ مُنْسَلِخٌ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ «يَا» الدُّنْيَا بُسْتَانٌ زُيِّنَتْ بِخَمْسَةِ أَشْيَاءَ: عِلْمُ الْعُلَمَاءِ وَعَدْلُ الْأُمَرَاءِ وَعِبَادَةُ الْعُبَّادِ وَأَمَانَةُ التُّجَّارِ وَنَصِيحَةُ الْمُحْتَرِفِينَ. فَجَاءَ إِبْلِيسُ بِخَمْسَةِ أَعْلَامٍ فَأَقَامَهَا بِجَنْبِ هَذِهِ الْخَمْسِ جَاءَ بِالْحَسَدِ فَرَكَزَهُ فِي جَنْبِ الْعِلْمِ، وَجَاءَ بِالْجَوْرِ فَرَكَزَهُ بِجَنْبِ الْعَدْلِ، وَجَاءَ بِالرِّيَاءِ فَرَكَزَهُ بِجَنْبِ الْعِبَادَةِ، وَجَاءَ بِالْخِيَانَةِ فَرَكَزَهَا بِجَنْبِ الْأَمَانَةِ، وَجَاءَ بِالْغِشِّ فَرَكَزَهُ بِجَنْبِ النَّصِيحَةِ «يب» فُضِّلَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ عَلَى التَّابِعِينَ بِخَمْسَةِ أَشْيَاءَ: أَوَّلُهَا: لَمْ يَأْمُرْ أَحَدًا بِشَيْءٍ حَتَّى عَمِلَهُ، وَالثَّانِي: لَمْ يَنْهَ أَحَدًا عَنْ شَيْءٍ حَتَّى انْتَهَى عَنْهُ، وَالثَّالِثُ: كُلُّ مَنْ طَلَبَ مِنْهُ شَيْئًا مِمَّا رَزَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَبْخَلْ بِهِ مِنَ الْعِلْمِ وَالْمَالِ. وَالرَّابِعُ: كَانَ يَسْتَغْنِي بِعِلْمِهِ عَنِ النَّاسِ، وَالْخَامِسُ: كَانَتْ سَرِيرَتُهُ وَعَلَانِيَتُهُ سَوَاءً. «يج» إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ عِلْمَكَ يَنْفَعُكَ أَمْ لَا فَاطْلُبْ مِنْ نَفْسِكَ خَمْسَ خِصَالٍ: حُبُّ الْفَقْرِ لِقِلَّةِ الْمُؤْنَةِ، وَحُبُّ الطَّاعَةِ طَلَبًا لِلثَّوَابِ، وَحُبُّ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا طَلَبًا لِلْفَرَاغِ، وَحُبُّ الْحِكْمَةِ طَلَبًا لِصَلَاحِ الْقَلْبِ، وَحُبُّ الْخَلْوَةِ طَلَبًا لِمُنَاجَاةِ الرَّبِّ «يد» اطْلُبْ خَمْسَةً فِي خَمْسَةٍ، الْأَوَّلُ: اطْلُبِ الْعِزَّ فِي التَّوَاضُعِ لَا فِي الْمَالِ