اللَّهِ مِنَ النَّارِ»
وَثَانِيهَا:
عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِغَيْرِ اللَّهِ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيْهِ الْعِلْمُ فَيَكُونَ لِلَّهِ وَمَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِلَّهِ فَهُوَ كَالصَّائِمِ نَهَارَهُ وَكَالْقَائِمِ لَيْلَهُ وَإِنَّ بَابًا مِنَ الْعِلْمِ يَتَعَلَّمُهُ الرَّجُلُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَبُو قُبَيْسٍ ذَهَبًا فَيُنْفِقَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» .
وَثَالِثُهَا:
عَنِ الْحَسَنِ مَرْفُوعًا «مَنْ جَاءَهُ الْمَوْتُ وَهُوَ يَطْلُبُ الْعِلْمَ لِيُحْيِيَ بِهِ الْإِسْلَامَ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ دَرَجَةٌ وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ»
وَرَابِعُهَا:
أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ مَرْفُوعًا «يَبْعَثُ اللَّهُ الْعِبَادَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ يُمَيِّزُ الْعُلَمَاءَ فَيَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الْعُلَمَاءِ إِنِّي لَمْ أَضَعْ نُورِي فِيكُمْ إِلَّا لِعِلْمِي بِكُمْ وَلَمْ أَضَعْ عِلْمِي فِيكُمْ لِأُعَذِّبَكُمْ انْطَلِقُوا فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» .
وَخَامِسُهَا:
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مُعَلِّمُ الْخَيْرِ إِذَا مَاتَ بَكَى عَلَيْهِ طَيْرُ السَّمَاءِ وَدَوَابُّ الْأَرْضِ وَحِيتَانُ الْبُحُورِ» .
وَسَادِسُهَا:
أَبُو هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «مَنْ صَلَّى خَلْفَ عَالِمٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَكَأَنَّمَا صَلَّى خَلْفَ نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ» .
وَسَابِعُهَا:
ابْنُ عُمَرَ مَرْفُوعًا «فُضِّلَ الْعَالِمُ عَلَى الْعَابِدِ بِسَبْعِينَ دَرَجَةً بَيْنَ كُلِّ دَرَجَةٍ عَدْوُ الْفَرَسِ سَبْعِينَ عَامًا وَذَلِكَ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَضَعُ الْبِدْعَةَ لِلنَّاسِ فَيُبْصِرُهَا الْعَالِمُ فَيُزِيلُهَا وَالْعَابِدُ يُقْبِلُ عَلَى عِبَادَتِهِ لَا يَتَوَجَّهُ وَلَا يَتَعَرَّفُ لَهَا» .
وَثَامِنُهَا:
الْحَسَنُ مَرْفُوعًا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى خُلَفَائِي فَقِيلَ مَنْ خُلَفَاؤُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ الَّذِينَ يُحْيُونَ سُنَّتِي وَيُعَلِّمُونَهَا عِبَادَ اللَّهِ»
وَتَاسِعُهَا:
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَنْ خَرَجَ يَطْلُبُ بَابًا مِنَ الْعِلْمِ لِيَرُدَّ بِهِ بَاطِلًا إِلَى حَقٍّ أَوْ ضَلَالًا إِلَى هُدًى كَانَ عَمَلُهُ كَعِبَادَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا» ،
وَعَاشِرُهَا:
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِعَلِيٍّ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ «لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِمَّا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ أَوْ تَغْرُبُ»
الْحَادِيَ عَشَرَ:
ابْنُ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا «مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُحَدِّثَ بِهِ النَّاسَ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ أَعْطَاهُ أَجْرَ سَبْعِينَ نَبِيًّا» .
الثَّانِي عَشَرَ:
عَامِرٌ الْجُهَنِيُّ مَرْفُوعًا «يُؤْتَى بِمِدَادِ طَالِبِ الْعِلْمِ وَدَمِ الشَّهِيدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُفَضَّلُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ» وَفِي رِوَايَةٍ فَيُرَجَّحُ مِدَادُ الْعُلَمَاءِ.
الثَّالِثَ عَشَرَ:
أبو وافد اللَّيْثِيُّ: أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ وَالنَّاسُ مَعَهُ إِذْ أَقْبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَرَأَى فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ إِلَيْهَا، وَأَمَّا الْآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَإِنَّهُ رَجَعَ وَفَرَّ فَلَمَّا فَرَغَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ كَلَامِهِ قَالَ: أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ. أَمَّا الْأَوَّلُ: فَآوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا الثَّانِي: فَاسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الثَّالِثُ: فَأَعْرَضَ عَنِ اللَّهِ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ،
وَأَمَّا الْآثَارُ فَمِنْ وُجُوهٍ «أ» الْعَالِمُ أَرْأَفُ بِالتِّلْمِيذِ مِنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ لِأَنَّ الْآبَاءَ وَالْأُمَّهَاتِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ نَارِ الدُّنْيَا وَآفَاتِهَا وَالْعُلَمَاءُ يَحْفَظُونَهُ مِنْ نَارِ الْآخِرَةِ وَشَدَائِدِهَا «ب» قِيلَ/ لِابْنِ مَسْعُودٍ بِمَ وَجَدْتَ هَذَا الْعِلْمَ: قَالَ بِلِسَانٍ سَئُولٍ، وَقَلْبٍ عَقُولٍ «ج» قَالَ بَعْضُهُمْ سَلْ مَسْأَلَةَ الْحَمْقَى، وَاحْفَظْ حِفْظَ الْأَكْيَاسِ «د» مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ تَعَلَّمِ الْعِلْمَ فَإِنْ كَانَ لَكَ مَالٌ كَانَ الْعِلْمُ لَكَ جَمَالًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ مَالٌ كَانَ الْعِلْمُ لَكَ مَالًا «هـ-»
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: لَا خَيْرَ فِي الصَّمْتِ عَنِ الْعِلْمِ كَمَا لَا خَيْرَ فِي الْكَلَامِ عَنِ الْجَهْلِ
«و» قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: الْعُلَمَاءُ ثَلَاثَةٌ عَالِمٌ بِاللَّهِ غَيْرُ عَالِمٍ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَعَالِمٌ بِأَمْرِ اللَّهِ غَيْرُ عَالِمٍ بِاللَّهِ، وَعَالِمٌ بِاللَّهِ وَبِأَمْرِ اللَّهِ. أَمَّا الْأَوَّلُ: فَهُوَ عَبْدٌ قَدِ اسْتَوْلَتِ الْمَعْرِفَةُ الْإِلَهِيَّةُ عَلَى قَلْبِهِ فَصَارَ مُسْتَغْرِقًا بِمُشَاهَدَةِ نُورِ الْجَلَالِ وَصَفَحَاتِ الْكِبْرِيَاءِ فَلَا يَتَفَرَّغُ لِتَعَلُّمِ عِلْمِ الْأَحْكَامِ إِلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ. الثَّانِي: هُوَ الَّذِي يَكُونُ عَالِمًا بِأَمْرِ اللَّهِ وَغَيْرَ عَالِمٍ بِاللَّهِ وَهُوَ الَّذِي عَرَفَ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ وَحَقَائِقَ الْأَحْكَامِ لَكِنَّهُ لَا يَعْرِفُ أَسْرَارَ جَلَالِ اللَّهِ. أَمَّا الْعَالِمُ بِاللَّهِ وَبِأَحْكَامِ اللَّهِ فَهُوَ جَالِسٌ عَلَى الْحَدِّ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ عَالَمِ الْمَعْقُولَاتِ وَعَالَمِ الْمَحْسُوسَاتِ فَهُوَ تَارَةً مَعَ اللَّهِ بِالْحُبِّ لَهُ، وَتَارَةً مَعَ الْخَلْقِ بِالشَّفَقَةِ وَالرَّحْمَةِ، فَإِذَا رَجَعَ مِنْ رَبِّهِ إِلَى الْخَلْقِ صَارَ مَعَهُمْ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ كَأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ اللَّهَ وَإِذَا خَلَا بِرَبِّهِ مُشْتَغِلًا بِذِكْرِهِ وَخِدْمَتِهِ فَكَأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْخَلْقَ فَهَذَا سَبِيلُ الْمُرْسَلِينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ
بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «سَائِلِ الْعُلَمَاءَ وَخَالِطِ الْحُكَمَاءَ وَجَالِسِ الْكُبَرَاءَ»
فَالْمُرَادُ مِنْ
قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: سَائِلِ الْعُلَمَاءَ
أَيِ الْعُلَمَاءَ بِأَمْرِ اللَّهِ غَيْرَ الْعَالِمِينَ بِاللَّهِ فَأَمَرَ