للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونُ عَدْلًا مِنْهُ بَلْ تَأْوِيلُهُ: أَنَّهُ لَا يَقَعُ مِنْهُ إِلَّا الْعَدْلُ فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ تَعَالَى يَقْبَلُ الْحُجَّةَ فَلَوْ لَمْ يَكُونُوا قَادِرِينَ عَلَى مَا أُمِرُوا بِهِ لَكَانَ لَهُمْ فِيهِ أَعْظَمُ حُجَّةً.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوُجُوبَ لَا يَتَحَقَّقُ إِلَّا بِالشَّرْعِ إِذْ لَوْ تَحَقَّقَ الْعِقَابُ قَبْلَ مَجِيءِ الشَّرْعِ لَكَانَ الْعِقَابُ حَاصِلًا قَبْلَ مَجِيءِ الشَّرْعِ.

ثُمَّ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ خَتَمَ السُّورَةَ بِضَرْبٍ مِنَ الْوَعِيدِ فَقَالَ: قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ أَيْ كُلٌّ مِنَّا وَمِنْكُمْ مُنْتَظِرٌ عَاقِبَةَ أَمْرِهِ وَهَذَا الِانْتِظَارُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْمَوْتِ، إِمَّا بِسَبَبِ الْأَمْرِ بِالْجِهَادِ أَوْ بِسَبَبِ ظُهُورِ الدَّوْلَةِ وَالْقُوَّةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِالْمَوْتِ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْخَصْمَيْنِ يَنْتَظِرُ مَوْتَ صَاحِبِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ ظُهُورُ أَمْرِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، فَإِنَّهُ يَتَمَيَّزُ فِي الْآخِرَةِ الْمُحِقُّ مِنَ الْمُبْطِلِ بِمَا يَظْهَرُ عَلَى الْمُحِقِّ مِنْ أَنْوَاعِ كَرَامَةِ اللَّه تَعَالَى، وَعَلَى الْمُبْطِلِ مِنْ أَنْوَاعِ إِهَانَتِهِ فَسَتَعْلَمُونَ عِنْدَ ذَلِكَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدى إِلَيْهِ وَلَيْسَ هُوَ بِمَعْنَى الشَّكِّ وَالتَّرْدِيدِ، بَلْ هُوَ عَلَى سَبِيلِ التَّهْدِيدِ والزجر للكفار، واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>