قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ [الْكَافِرُونَ: ١] وَفِي الثَّانِيَةِ الْإِخْلَاصَ وَبَعْدَ الْفَرَاغِ يَتَضَرَّعُ إِلَى اللَّهِ بِالْإِخْلَاصِ، الرَّابِعُ: إِذَا حَصَلَ عَلَى بَابِ الدَّارِ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، وَكُلَّمَا كَانَتِ الدَّعْوَاتُ أَزْيَدَ كَانَتْ أَوْلَى الْخَامِسُ: فِي الرُّكُوبِ، فَإِذَا رَكِبَ الرَّاحِلَةَ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، وَمَا لم يشاء لَمْ يَكُنْ، سُبْحَانَ اللَّهِ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ السَّادِسُ: فِي النُّزُولِ، وَالسُّنَّةُ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرُ سَيْرِهِ بِاللَّيْلِ، وَلَا يَنْزِلُ حَتَّى يَحْمَى النَّهَارُ، وَإِذَا نَزَلَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَدَعَا اللَّهَ كَثِيرًا السَّابِعُ: إِنْ قَصَدَهُ عَدُوٌّ أَوْ سَبُعٌ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، فَلْيَقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ، وَشَهِدَ اللَّهُ، وَالْإِخْلَاصَ، وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ، وَيَقُولُ: تَحَصَّنْتُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ، وَاسْتَعَنْتُ بِالْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، الثامنة: مَهْمَا عَلَا شَرَفًا مِنَ الْأَرْضِ فِي الطَّرِيقِ، فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُكَبِّرَ ثَلَاثًا التَّاسِعُ: أَنْ لَا يَكُونُ هَذَا السَّفَرُ مَشُوبًا بِشَيْءٍ مِنْ أَثَرِ الْأَغْرَاضِ الْعَاجِلَةِ كَالتِّجَارَةِ وَغَيْرِهَا الْعَاشِرُ: أَنْ يَصُونَ الْإِنْسَانُ لِسَانَهُ عَنِ الرَّفَثِ وَالْفُسُوقِ وَالْجِدَالِ، ثُمَّ بَعَدَ الْإِتْيَانِ بِهَذِهِ الْمُقَدِّمَاتِ، يَأْتِي بِجَمِيعِ أَرْكَانِ الْحَجِّ عَلَى الْوَجْهِ الْأَصَحِّ الْأَقْرَبِ إِلَى مُوَافَقَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَيَكُونُ غَرَضُهُ فِي كُلِّ هَذِهِ الْأُمُورِ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَقَوْلُهُ: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ كَلِمَةٌ شَامِلَةٌ جَامِعَةٌ لِهَذِهِ الْمَعَانِي، فَإِذَا أَتَى الْعَبْدُ بِالْحَجِّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَ مُتَّبِعًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَيْثُ قَالَ تَعَالَى وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ [الْبَقَرَةِ:
١٢٤] .
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ أَنَّ الْمُرَادَ: أَفْرِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِسَفَرٍ وَهَذَا تَأْوِيلُ مَنْ قَالَ بِالْإِفْرَادِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ بِالدَّلِيلِ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ يُرْوَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَدْ يُرْوَى مَرْفُوعًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَكَانَ عُمَرُ يَتْرُكُ الْقِرَانَ وَالتَّمَتُّعَ، وَيَذْكُرُ أَنَّ ذَلِكَ أَتَمُّ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَأَنْ يَعْتَمِرَ فِي غَيْرِ شُهُورِ الْحَجِّ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ [الْبَقَرَةِ: ١٩٧] وَرَوَى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: فَرِّقُوا بَيْنَ حَجِّكِمْ وَعُمْرَتِكُمْ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وابن كثير وأبو عامر وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ الْحَجَّ بِفَتْحِ الْحَاءِ فِي كُلِّ الْقُرْآنِ وَهِيَ لُغَةُ الْحِجَازِ، وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ، عَنْ عَاصِمٍ بِالْكَسْرِ فِي آلِ عِمْرَانَ، قَالَ الْكِسَائِيُّ:
وَهُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، كَرَطْلٍ وَرِطْلٍ، وَقِيلَ: بِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ، وَبِالْكَسْرِ الِاسْمُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى: أَصْلُ الْحَصْرِ وَالْإِحْصَارِ: الْحَبْسُ وَمِنْهُ يُقَالُ لِلَّذِي لَا يَبُوحُ بِسِرِّهِ: حَصَرَ. لِأَنَّهُ حَبَسَ نَفْسَهُ عَنِ الْبَوْحِ وَالْحَصْرُ احْتِبَاسُ الْغَائِطِ وَالْحَصِيرُ الْمَلِكُ لِأَنَّهُ كَالْمَحْبُوسِ بَيْنَ الْحُجَّابِ وَفِي شِعْرِ لَبِيَدٍ:
جِنٌّ لَدَى بَابِ الْحَصِيرِ قِيَامُ
وَالْحَصِيرُ مَعْرُوفٌ سُمِّيَ بِهِ لِانْضِمَامِ بَعْضِ أَجْزَائِهِ إِلَى بَعْضٍ تَشْبِيهًا بِاحْتِبَاسِ الشَّيْءِ مَعَ غَيْرِهِ.
إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ لَفْظَ الْحَصْرِ مَخْصُوصٌ بِمَنْعِ الْعَدُوِّ إِذَا مَنَعَهُ عَنْ مُرَادِهِ وَضَيَّقَ عَلَيْهِ، أَمَّا لَفْظُ الْإِحْصَارِ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ: وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَابْنِ السِّكِّيتِ وَالزَّجَّاجِ وَابْنِ قُتَيْبَةَ وَأَكْثَرِ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْمَرَضِ، قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ أَحْصَرَهُ الْمَرَضُ إِذَا مَنَعَهُ مِنَ السَّفَرِ وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute