[حَدِيثٌ آخَرُ] فِي الِاسْتِشْفَاءِ بِهِنَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ ثم نفث فيهما، وقرأ فيهما قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أَعُوَذُ بِرَبِّ النَّاسِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» «١» وَهَكَذَا رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ عُقَيْلٍ بِهِ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة الإخلاص (١١٢) : الآيات ١ الى ٤]
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (٤)
قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ سَبَبِ نُزُولِهَا، وَقَالَ عِكْرِمَةُ. لَمَّا قَالَتِ الْيَهُودُ نَحْنُ نَعْبُدُ عُزَيْرًا ابْنَ اللَّهِ، وَقَالَتِ النَّصَارَى: نَحْنُ نَعْبُدُ الْمَسِيحَ ابْنَ اللَّهِ، وَقَالَتِ الْمَجُوسُ: نَحْنُ نَعْبُدُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، وَقَالَتِ الْمُشْرِكُونَ: نَحْنُ نَعْبُدُ الْأَوْثَانَ، أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يَعْنِي هُوَ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ الَّذِي لَا نَظِيرَ لَهُ وَلَا وَزِيرَ وَلَا نَدِيدَ وَلَا شَبِيهَ وَلَا عَدِيلَ، وَلَا يُطْلَقُ هَذَا اللَّفْظُ عَلَى أَحَدٍ فِي الْإِثْبَاتِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِأَنَّهُ الْكَامِلُ فِي جَمِيعِ صِفَاتِهِ وأفعاله.
وقوله تعالى: اللَّهُ الصَّمَدُ قَالَ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يعني الّذي يصمد إليه الخلائق فِي حَوَائِجِهِمْ وَمَسَائِلِهِمْ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُوَ السَّيِّدُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي سُؤْدُدِهِ، وَالشَّرِيفُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي شَرَفِهِ، وَالْعَظِيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي عَظْمَتِهِ، وَالْحَلِيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي حِلْمِهِ، وَالْعَلِيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي عِلْمِهِ، وَالْحَكِيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي حِكْمَتِهِ. وَهُوَ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي أَنْوَاعِ الشَّرَفِ وَالسُّؤْدُدِ، وَهُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ هَذِهِ صِفَتُهُ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لَهُ لَيْسَ لَهُ كُفْءٌ وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ سُبْحَانَ اللَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارٍ، وَقَالَ الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ الصَّمَدُ السَّيِّدُ الَّذِي قَدِ انْتَهَى سُؤْدُدُهُ، وَرَوَاهُ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَهُ.
وَقَالَ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ الصَّمَدُ السَّيِّدُ، وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: هُوَ الْبَاقِي بَعْدَ خَلْقِهِ، وَقَالَ الْحَسَنُ أَيْضًا الصَّمَدُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ الَّذِي لَا زَوَالَ لَهُ وَقَالَ عِكْرِمَةُ: الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَا يُطْعَمُ وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ هُوَ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ كَأَنَّهُ جَعَلَ مَا بَعْدَهُ تَفْسِيرًا لَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَهُوَ تَفْسِيرٌ جَيِّدٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ جَرِيرٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي ذَلِكَ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيهِ، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَمُجَاهِدٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ وَعِكْرِمَةُ أَيْضًا، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَعَطِيَّةُ
(١) أخرجه البخاري في فضائل القرآن باب ١٤، وأبو داود في الأدب باب ٩٨، والترمذي في الدعاء باب ٢١، وأحمد في المسند ٦/ ١١٦، ١٥٤.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute