للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: ﴿وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي﴾ وهذا أيضا سؤال من موسى في أمر خارجي عنه، وهو مساعدة أخيه هارون له. قال الثوري عن أبي سعيد عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال فنبئ هارون ساعتئذ حين نبئ موسى . وقال ابن أبي حاتم:

ذكر عن ابن نمير، حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة أنها خرجت فيما كانت تعتمر، فنزلت ببعض الأعراب، فسمعت رجلا يقول: أي أخ كان في الدنيا أنفع لأخيه؟ قالوا: لا ندري. قال: أنا والله أدري. قالت: فقلت في نفسي في حلفه لا يستثني إنه ليعلم أي أخ كان في الدنيا أنفع لأخيه، قال: موسى حين سأل لأخيه النبوة، فقلت: صدق والله. قلت:

وفي هذا قال الله تعالى في الثناء على موسى : ﴿وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً﴾.

وقوله: ﴿اُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي﴾ قال مجاهد: ظهري، ﴿وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي﴾ أي في مشاورتي ﴿كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً﴾ قال مجاهد: لا يكون العبد من الذاكرين الله كثيرا حتى يذكر الله قائما وقاعدا ومضطجعا. وقوله: ﴿إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً﴾ أي في اصطفائك لنا وإعطائك إيانا النبوة، وبعثتك لنا إلى عدوك فرعون فلك الحمد على ذلك.

[[سورة طه (٢٠): الآيات ٣٦ إلى ٤٠]]

﴿قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى (٣٦) وَلَقَدْ مَنَنّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى (٣٧) إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى (٣٨) أَنِ اِقْذِفِيهِ فِي التّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي (٣٩) إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى (٤٠)

هذه إجابة من الله لرسوله موسى فيما سأل من ربه ﷿، وتذكير له بنعمه السالفة عليه فيما كان ألهم أمه حين كانت ترضعه وتحذر عليه من فرعون وملئه أن يقتلوه، لأنه كان قد ولد في السنة التي يقتلون فيها الغلمان، فاتخذت له تابوتا، فكانت ترضعه ثم تضعه فيه وترسله في البحر وهو النيل، وتمسكه إلى منزلها بحبل، فذهبت مرة لتربط الحبل فانفلت منها وذهب به البحر، فحصل لها من الغم والهم ما ذكره الله عنها في قوله: ﴿وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها﴾ [القصص: ١٠] فذهب به البحر إلى دار فرعون.

﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً﴾ [القصص: ٨] أي قدرا مقدورا من الله حيث كانوا هم يقتلون الغلمان من بني إسرائيل حذرا من وجود موسى، فحكم الله وله السلطان العظيم والقدرة التامة أن لا يربى إلا على فراش فرعون، ويغذى بطعامه وشرابه مع محبته وزوجته له، ولهذا قال تعالى: ﴿يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي﴾ أي عند عدوك جعلته يحبك، قال سلمة بن كهيل ﴿وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي﴾ قال: حببتك إلى عبادي ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي﴾ قال أبو عمران الجوني: تربى بعين الله وقال قتادة: تغذى على عيني.

<<  <  ج: ص:  >  >>