للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله يقول إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من الفجر «اللهم العن فلانا وفلانا وفلانا» بعد ما يقول «سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد»، فأنزل الله ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾ الآية. وعن حنظلة بن أبي سفيان قال: سمعت سالم بن عبد الله قال: كان رسول الله يدعو على صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام، فنزلت ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ﴾ هكذا ذكر هذه الزيادة البخاري معلقة مرسلة، وقد تقدمت مسندة متصلة في مسند أحمد آنفا.

وقال الإمام أحمد (١): حدثنا هشيم، حدثنا حميد عن أنس ، أن النبي ، كسرت رباعيته (٢) يوم أحد، وشج في جبهته حتى سال الدم على وجهه، فقال «كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم، وهو يدعوهم إلى ربهم ﷿؟» فأنزل الله ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ﴾ انفرد به مسلم، فرواه عن القعنبي، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، فذكره.

وقال ابن جرير (٣): حدثنا ابن حميد، حدثنا يحيى بن واضح: حدثنا الحسين بن واقد عن مطر، عن قتادة، قال: أصيب النبي يوم أحد، وكسرت رباعيته، وفرق حاجبه، فوقع وعليه درعان والدم يسيل، فمر به سالم مولى أبي حذيفة فأجلسه ومسح عن وجهه، فأفاق وهو يقول «كيف بقوم فعلوا هذا بنبيهم، وهو يدعوهم إلى الله ﷿؟» فأنزل الله ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾ الآية، وكذا رواه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة بنحوه، ولم يقل: فأفاق.

ثم قال تعالى: ﴿وَلِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ﴾ أي الجميع ملك له، وأهلها عبيد بين يديه ﴿يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ﴾ أي هو المتصرف فلا معقب لحكمه، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون ﴿وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.

[[سورة آل عمران (٣): الآيات ١٣٠ إلى ١٣٦]]

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَاِتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٣٠) وَاِتَّقُوا النّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (١٣١) وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٣٢) وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرّاءِ وَالضَّرّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣٤) وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٣٥) أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (١٣٦)


(١) مسند أحمد (٣/ ٩٩)
(٢) الرباعية: السن بين الثنية والناب.
(٣) تفسير الطبري ٣/ ٤٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>