للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله ثم قال حين أبصر ذلك في وجوههم «إن بني آدم كثير، وإن يأجوج ومأجوج من ولد آدم، وإنه لا يموت منهم رجل حتى ينتشر لصلبه ألف رجل ففيهم وفي أشباههم جنة لكم» هذا حديث غريب وقد تقدم في أول سورة الحج ذكر هذه الأحاديث.

وقوله تعالى: ﴿السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾ قال الحسن وقتادة أي بسببه من شدته وهوله، ومنهم من يعيد الضمير على الله تعالى: وروي عن ابن عباس ومجاهد وليس بقوي لأنه لم يجر له ذكر هاهنا، وقوله تعالى: ﴿كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً﴾ أي كان وعد هذا اليوم مفعولا أي واقعا لا محالة وكائنا لا محيد عنه.

[[سورة المزمل (٧٣): الآيات ١٩ إلى ٢٠]]

﴿إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اِتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (١٩) إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاِسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٠)

يقول تعالى: ﴿إِنَّ هذِهِ﴾ أي السورة ﴿تَذْكِرَةٌ﴾ أي يتذكر بها أولو الألباب، ولهذا قال تعالى: ﴿فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً﴾ أي ممن شاء الله تعالى هدايته كما قيده في السورة الأخرى ﴿وَما تَشاؤُنَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً﴾ [الإنسان: ٣٠].

ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ﴾ أي تارة هكذا وتارة هكذا وذلك كله من غير قصد منكم ولكن لا تقدرون على المواظبة على ما أمركم به من قيام الليل لأنه يشق عليكم، ولهذا قال: ﴿وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ﴾ أي تارة يعتدلان وتارة يأخذ هذا من هذا وهذا من هذا ﴿عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ﴾ أي الفرض الذي أوجبه عليكم ﴿فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ أي من غير تحديد بوقت أي ولكن قوموا من الليل ما تيسر، وعبر عن الصلاة بالقراءة كما قال في سورة سبحان ﴿وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ﴾ أي بقراءتك ﴿وَلا تُخافِتْ بِها﴾ [الإسراء: ١١٠].

وقد استدل أصحاب الإمام أبي حنيفة بهذه الآية وهي قوله: ﴿فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ على أنه لا يجب تعين قراءة الفاتحة في الصلاة بل لو قرأ بها أو بغيرها من القرآن ولو بآية، أجزأه واعتضدوا بحديث المسيء صلاته الذي في الصحيحين «ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن» (١) وقد أجابهم الجمهور بحديث عبادة بن الصامت وهو في الصحيحين أيضا أن رسول الله قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» (٢)، وفي صحيح مسلم عن أبي


(١) أخرجه البخاري في الاستئذان باب ١٨، ومسلم في الصلاة حديث ٤٥.
(٢) أخرجه الترمذي في المواقيت باب ٦٩، وابن ماجة في الإقامة باب ١١. ومسلم في الصلاة حديث ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>