للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة الرعد]

﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾

[[سورة الرعد (١٣): آية ١]]

﴿المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (١)

أما الكلام على الحروف المقطعة في أوائل السور، فقد تقدم في أول سورة البقرة، وقدمنا أن كل سورة ابتدئت بهذه الحروف ففيها الانتصار للقرآن وتبيان أن نزوله من عند الله حق لا شك فيه ولا مرية ولا ريب، ولهذا قال: ﴿تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ﴾ أي هذه آيات الكتاب، وهو القرآن، وقيل: التوراة والإنجيل، قاله مجاهد وقتادة (١)، وفيه نظر بل هو بعيد.

ثم عطف على ذلك عطف صفات فقال: ﴿وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ أي يا محمد ﴿مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ﴾ خبر تقدم مبتدؤه، وهو قوله: ﴿وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ هذا هو الصحيح المطابق لتفسير مجاهد وقتادة، واختار ابن جرير أن تكون الواو زائدة أو عاطفة صفة على صفة كما قدمنا، واستشهد بقول الشاعر: [المتقارب] إلى الملك القرم وابن الهمام … وليث الكتيبة في المزدحم (٢)

وقوله: ﴿وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يُؤْمِنُونَ﴾ كقوله: ﴿وَما أَكْثَرُ النّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [يوسف: ١٠٣] أي مع هذا البيان والجلاء والوضوح لا يؤمن أكثرهم لما فيهم من الشقاق والعناد والنفاق.

[[سورة الرعد (١٣): آية ٢]]

﴿اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ثُمَّ اِسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (٢)

يخبر الله تعالى عن كمال قدرته وعظيم سلطانه أنه الذي بإذنه وأمره رفع السموات بغير عمد، بل بإذنه وأمره وتسخيره رفعها عن الأرض بعدا لا تنال ولا تدرك مداها، فالسماء الدنيا محيطة بجميع الأرض وما حولها من الماء والهواء من جميع نواحيها وجهاتها وأرجائها، مرتفعة عليها من كل جانب على السواء، وبعد ما بينها وبين الأرض من كل ناحية مسيرة خمسمائة عام، وسمكها في نفسها مسيرة خمسمائة عام، ثم السماء الثانية محيطة بالسماء


(١) انظر تفسير الطبري ٧/ ٣٢٧.
(٢) البيت بلا نسبة في الإنصاف ٢/ ٤٦٩، وخزانة الأدب ١/ ٤٥١، ٥/ ١٠٧، ٦/ ٩١، وشرح قطر الندى ص ٢٩٥، وتفسير الطبري ٧/ ٣٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>