[[سورة الأعراف (٧) : آية ١٥٤]]
وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْواحَ وَفِي نُسْخَتِها هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (١٥٤)
يَقُولُ تَعَالَى: وَلَمَّا سَكَتَ أَيْ سَكَنَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَيْ غَضَبُهُ عَلَى قَوْمِهِ أَخَذَ الْأَلْواحَ أَيْ الَّتِي كَانَ أَلْقَاهَا مِنْ شِدَّةِ الْغَضَبِ عَلَى عِبَادَتِهِمُ الْعِجْلَ غَيْرَةً لِلَّهِ وغضبا له وَفِي نُسْخَتِها هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ يَقُولُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ إِنَّهَا لَمَّا أَلْقَاهَا تَكَسَّرَتْ ثُمَّ جَمَعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ فَوَجَدَ فِيهَا هُدًى وَرَحْمَةً، وَأَمَّا التَّفْصِيلُ فَذَهَبَ وَزَعَمُوا أَنَّ رُضَاضَهَا لَمْ يَزَلْ مَوْجُودًا فِي خَزَائِنِ الْمُلُوكِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى الدَّوْلَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّةِ هَذَا وَأَمَّا الدليل الواضح عَلَى أَنَّهَا تَكَسَّرَتْ حِينَ أَلْقَاهَا وَهِيَ مِنْ جوهر الجنة فقد أخبر تَعَالَى أَنَّهُ لَمَّا أَخَذَهَا بَعْدَ مَا أَلْقَاهَا وَجَدَ فِيهَا هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ضَمَّنَ الرَّهْبَةَ مَعْنَى الْخُضُوعِ، وَلِهَذَا عَدَّاهَا بِاللَّامِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَخَذَ الْأَلْواحَ قَالَ رَبِّ إِنِّي أَجِدُ فِي الْأَلْوَاحِ أُمَّةً خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَاجْعَلْهُمْ أُمَّتِي قَالَ تِلْكَ أُمَّةُ أَحْمَدَ. قَالَ رَبِّ إِنِّي أَجِدُ فِي الألواح أمة هم الآخرون السابقون أي آخرون في الخلق سابقون فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ رَبِّ اجْعَلْهُمْ أُمَّتِي قَالَ تِلْكَ أُمَّةُ أَحْمَدَ. قَالَ رَبِّ إِنِّي أَجِدُ في الألواح أمة أنا جيلهم في صدورهم يقرءونها وَكَانَ مَنْ قَبْلَهُمْ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ نَظَرًا حَتَّى إذا رفعوها لم يحفظوا شيئا ولم يعرفوه وإن الله أعطاهم من الحفظ شيئا: لم يعطه أحد مِنَ الْأُمَمِ. قَالَ رَبِّ اجْعَلْهُمْ أُمَّتِي قَالَ تِلْكَ أُمَّةُ أَحْمَدَ. قَالَ رَبِّ إِنِّي أَجِدُ فِي الْأَلْوَاحِ أُمَّةً يُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ الْأَوَّلِ وَبِالْكِتَابِ الآخر ويقاتلون فصول الضلالة حتى يقاتلون الْأَعْوَرَ الْكَذَّابَ فَاجْعَلْهُمْ أُمَّتِي قَالَ تِلْكَ أُمَّةُ أَحْمَدَ.
قَالَ رَبِّ إِنِّي أَجِدُ فِي الْأَلْوَاحِ أُمَّةً صَدَقَاتُهُمْ يَأْكُلُونَهَا فِي بُطُونِهِمْ وَيُؤْجَرُونَ عَلَيْهَا، وَكَانَ مَنْ قَبْلَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ إِذَا تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَقَبِلَتْ مِنْهُ بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهَا نَارًا فَأَكَلَتْهَا وَإِنْ رُدَّتْ عَلَيْهِ تُرِكَتْ فَتَأْكُلُهَا السِّبَاعُ والطير وإن الله أخذ صدقاتهم من غنيهم لفقيرهم قال رب فَاجْعَلْهُمْ أُمَّتِي قَالَ تِلْكَ أُمَّةُ أَحْمَدَ. قَالَ رَبِّ إِنِّي أَجِدُ فِي الْأَلْوَاحِ أُمَّةً إِذَا هَمَّ أَحَدُهُمْ بِحَسَنَةٍ ثُمَّ لَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ أمثالها إلى سبعمائة، رَبِّ اجْعَلْهُمْ أُمَّتِي قَالَ تِلْكَ أُمَّةُ أَحْمَدَ. قَالَ رَبِّ إِنِّي أَجِدُ فِي الْأَلْوَاحِ أُمَّةً هم المشفوعون وَالْمَشْفُوعُ لَهُمْ فَاجْعَلْهُمْ أُمَّتِي، قَالَ تِلْكَ أُمَّةُ أَحْمَدَ. قَالَ قَتَادَةُ فَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ نَبَذَ الْأَلْوَاحَ وَقَالَ اللهم اجعلني من أمة أحمد.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute