للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[سورة يوسف (١٢): الآيات ٥٠ إلى ٥٣]]

﴿وَقالَ الْمَلِكُ اِئْتُونِي بِهِ فَلَمّا جاءَهُ الرَّسُولُ قالَ اِرْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللاّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (٥٠) قالَ ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حاشَ لِلّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قالَتِ اِمْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ (٥١) ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ (٥٢) وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاّ ما رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٣)

يقول تعالى إخبارا عن الملك لما رجعوا إليه بتعبير رؤياه التي كان رآها بما أعجبه وأيقنه، فعرف فضل يوسف ، وعلمه وحسن اطلاعه على رؤياه، وحسن أخلاقه على من ببلده من رعاياه، فقال: ﴿اِئْتُونِي بِهِ﴾ أي أخرجوه من السجن وأحضروه، فلما جاءه الرسول بذلك امتنع من الخروج حتى يتحقق الملك ورعيته براءة ساحته ونزاهة عرضه مما نسب إليه من جهة امرأة العزيز، وأن هذا السجن لم يكن على أمر يقتضيه، بل كان ظلما وعدوانا، فقال:

﴿اِرْجِعْ إِلى رَبِّكَ﴾ الآية.

وقد وردت السنة بمدحه على ذلك والتنبيه على فضله وشرفه وعلو قدره وصبره، صلوات الله وسلامه عليه، ففي المسند والصحيحين من حديث الزهري عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال ﴿رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى﴾ الآية، ويرحم الله لوطا كان يأوي إلى ركن شديد، ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي» (١).

وفي لفظ لأحمد (٢): حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي في قوله: ﴿فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللاّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ﴾ فقال رسول الله : «لو كنت أنا، لأسرعت الإجابة وما ابتغيت العذر».

وقال عبد الرزاق: أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار، عن عكرمة قال: قال رسول الله : «لقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه والله يغفر له حين سئل عن البقرات العجاف والسمان، ولو كنت مكانه ما أجبتهم حتى أشترط أن يخرجوني، ولقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه، والله يغفر له حين أتاه الرسول، ولو كنت مكانه لبادرتهم الباب، ولكنه أراد أن يكون له العذر»، هذا حديث مرسل.

وقوله تعالى: ﴿قالَ ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ﴾ إخبار عن الملك حين جمع النسوة اللاتي قطعن أيديهن عند امرأة العزيز، فقال مخاطبا لهن كلهن وهو يريد امرأة وزيره، وهو العزيز، قال الملك للنسوة اللاتي قطعن أيديهن ﴿ما خَطْبُكُنَّ﴾ أي شأنكن وخبركن ﴿إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ﴾ يعني يوم الضيافة، ﴿قُلْنَ حاشَ لِلّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ﴾ أي قالت لنسوة جوابا للملك: حاش لله أن يكون يوسف متهما، والله ما علمنا عليه من سوء، فعند ذلك


(١) أخرجه البخاري في تفسير سورة ١٢، باب ٥، ومسلم في الإيمان حديث ٢٣٨.
(٢) المسند ٢/ ٣٤٧، ٣٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>