للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لرعيته إلا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام» (١) والله الموفق للصواب.

[[سورة غافر (٤٠): الآيات ٣٠ إلى ٣٥]]

﴿وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ (٣٠) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ (٣١) وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ (٣٢) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٣٣) وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمّا جاءَكُمْ بِهِ حَتّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ (٣٤) الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبّارٍ (٣٥)

هذا إخبار من الله ﷿ عن هذا الرجل الصالح مؤمن آل فرعون أنه حذر قومه بأس الله تعالى في الدنيا والآخرة فقال: ﴿يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ﴾ أي الذين كذبوا رسل الله في قديم الدهر كقوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم من الأمم المكذبة كيف حل بهم بأس الله وما رده عنهم راد ولا صده عنهم صاد ﴿وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ﴾ أي إنما أهلكهم الله تعالى بذنوبهم وتكذيبهم رسله ومخالفتهم أمره فأنفذ فيهم قدره ثم قال: ﴿وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ﴾ يعني يوم القيامة وسمي بذلك، قال بعضهم لما جاء في حديث الصور أن الأرض إذا زلزلت وانشقت من قطر إلى قطر وماجت وارتجت فنظر الناس إلى ذلك ذهبوا هاربين ينادي بعضهم بعضا وقال آخرون منهم الضحاك بل ذلك إذا جيء بجهنم ذهب الناس هرابا منهم فتتلقاهم الملائكة فتردهم إلى مقام المحشر وهو قوله تعالى: ﴿وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها﴾ [الحاقة: ١٧] وقوله: ﴿يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاّ بِسُلْطانٍ﴾ [الرحمن: ٣٣].

وقد روي عن ابن عباس والحسن والضحاك أنهم قرءوا يوم التناد بتشديد الدال من ند البعير إذا شرد (٢) وذهب وقيل لأن الميزان عنده ملك وإذا وزن عمل العبد فرجح نادى بأعلى صوته ألا قد سعد فلان بن فلان سعادة لا يشقى بعدها أبدا، وإن خف عمله نادى ألا قد شقي فلان بن فلان وقال قتادة: ينادي كل قوم بأعمالهم، ينادي أهل الجنة أهل الجنة وأهل النار أهل النار (٣)، وقيل سمي بذلك لمناداة أهل الجنة أهل النار ﴿أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ﴾ [الأعراف: ٤٤] ومناداة أهل النار أهل


(١) أخرجه البخاري في الأحكام باب ٨، ومسلم في الإيمان حديث ٢٢٧، ٢٢٨، والإمارة حديث ٢١، والدارمي في الرقاق باب ٧٧، وأحمد في المسند ٥/ ٢٥.
(٢) انظر تفسير الطبري ١١/ ٥٧.
(٣) تفسير الطبري ١١/ ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>