للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عكرمة عن ابن عباس ﴿وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً﴾ قال: أمروا أن يتخذوها مساجد (١)، وقال الثوري أيضا عن ابن منصور عن إبراهيم، ﴿وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً﴾ قال: كانوا خائفين فأمروا أن يصلوا في بيوتهم (٢) وكذا قال مجاهد وأبو مالك والربيع بن أنس والضحاك وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وأبوه زيد بن أسلم وكأن هذا والله أعلم لما اشتد بهم البلاء من قبل فرعون وقومه وضيقوا عليهم أمروا بكثرة الصلاة كقوله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ﴾ [البقرة: ١٥٣].

وفي الحديث كان رسول الله إذا حزبه أمر صلى، أخرجه أبو داود (٣)، ولهذا قال تعالى في هذه الآية: ﴿وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ أي بالثواب والنصر القريب، وقال العوفي عن ابن عباس في تفسير هذه الآية قال: قالت بنو إسرائيل لموسى لا نستطيع أن نظهر صلاتنا مع الفراعنة فأذن الله لهم أن يصلوا في بيوتهم وأمروا أن يجعلوا بيوتهم قبل القبلة (٤)، وقال مجاهد ﴿وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً﴾ لما خاف بنو إسرائيل من فرعون أن يقتلوا في الكنائس الجامعة أمروا أن يجعلوا بيوتهم مساجد مستقبلة الكعبة يصلون فيها سرا (٥) وكذا قال قتادة والضحاك وقال سعيد بن جبير ﴿وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً﴾ أي يقابل بعضها بعضا (٦).

[[سورة يونس (١٠): الآيات ٨٨ إلى ٨٩]]

﴿وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالاً فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اِطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاُشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٨٨) قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (٨٩)

هذا إخبار من الله تعالى عما دعا به موسى على فرعون وملئه لما أبوا قبول الحق واستمروا على ضلالهم وكفرهم معاندين جاحدين ظلما وعلوا وتكبرا وعتوا قال موسى:

﴿رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً﴾ أي من أثاث الدنيا ومتاعها ﴿وَأَمْوالاً﴾ أي جزيلة كثيرة ﴿فِي﴾ هذه ﴿الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ﴾ بفتح الياء أي أعطيتهم ذلك وأنت تعلم أنهم لا يؤمنون بما أرسلتني به إليهم استدراجا منك لهم كقوله تعالى: ﴿لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ وقرأ آخرون ليضلوا بضم الياء أي ليفتتن بما أعطيتهم من شئت من خلقك ليظن من أغويته أنك إنما


(١) تفسير الطبري ٦/ ٥٩٦.
(٢) تفسير الطبري ٦/ ٥٩٦.
(٣) لم أجد الحديث في سنن أبي داود، والحديث أخرجه النسائي في المواقيت باب ٤٦، وأحمد في المسند ١/ ٢٠٦، ٢٦٨، ٢٨٠، ٥/ ٣٨٨.
(٤) تفسير الطبري ٦/ ٥٩٧.
(٥) تفسير الطبري ٦/ ٥٩٧.
(٦) تفسير الطبري ٦/ ٥٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>