للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النحل: ٦٣] الآية، وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتّى أَتاهُمْ نَصْرُنا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الأنعام: ٣٤] أي كيف نصرناهم، وجعلنا العاقبة لهم ولأتباعهم في الدنيا والآخرة.

وقوله: ﴿وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ﴾ أي هذه الأمة التي بعثناك فيهم يكفرون بالرحمن لا يقرون به، لأنهم كانوا يأنفون من وصف الله بالرحمن الرحيم، ولهذا أنفوا يوم الحديبية أن يكتبوا بسم الله الرحمن الرحيم، وقالوا: ما ندري ما الرحمن الرحيم، قاله قتادة، والحديث في صحيح البخاري. وقد قال الله تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى﴾. وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله : «إن أحب الأسماء إلى الله تعالى عبد الله وعبد الرحمن» (١).

﴿قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ﴾ أي هذا الذي تكفرون به، أنا مؤمن به معترف، مقر له بالربوبية والألوهية، هو ربي لا إله إلا هو ﴿عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ﴾ أي في جميع أموري، ﴿وَإِلَيْهِ مَتابِ﴾ أي إليه أرجع وأنيب، فإنه لا يستحق ذلك أحد سواه.

[[سورة الرعد (١٣): آية ٣١]]

﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النّاسَ جَمِيعاً وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ حَتّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ (٣١)

يقول تعالى مادحا للقرآن الذي أنزله على محمد ومفضلا له على سائر الكتب المنزلة قبله ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ﴾ أي لو كان في الكتب الماضية كتاب تسير به الجبال عن أماكنها، أو تقطع به الأرض وتنشق، أو تكلم به الموتى في قبورهم، لكان هذا القرآن هو المتصف بذلك دون غيره، أو بطريق الأولى أن يكون كذلك لما فيه من الإعجاز الذي لا يستطيع الإنسان والجن عن آخرهم إذا اجتمعوا أن يأتوا بمثله، ولا بسورة من مثله، ومع هذا فهؤلاء المشركون كافرون به، جاحدون له ﴿بَلْ لِلّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً﴾ أي مرجع الأمور كلها إلى الله ﷿، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ومن يضلل الله فلا هادي له، ومن يهد الله فما له من مضل، وقد يطلق اسم القرآن على كل من الكتب المتقدمة، لأنه مشتق من الجميع.

قال الإمام أحمد (٢): حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر عن همام بن منبه. قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة قال: قال رسول الله «خففت على داود القراءة فكان يأمر بدابته أن.

تسرج، فكان يقرأ القرآن من قبل أن تسرج دابته، وكان لا يأكل إلا من عمل يديه» انفرد


(١) أخرجه مسلم في الأدب حديث ٢.
(٢) المسند ٢/ ٣١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>