وتجوز (١) في صلاته فلما سلم قال ﷺ: «كما أنتم على مصافكم» ثم أقبل إلينا فقال: «إني سأحدثكم ما حبسني عنكم الغداة إني قمت من الليل فصليت ما قدر لي فنعست في صلاتي حتى استيقظت فإذا أنا بربي ﷿ في أحسن صورة فقال: يا محمد أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى، قلت لا أدري يا رب-أعادها ثلاثا-فرأيته وضع كفه بين كتفي حتى وجدت برد أنا مله بين صدري فتجلى لي كل شيء وعرفت فقال: يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: في الكفارات. قال: وما الكفارات؟ قلت: نقل الأقدام إلى الجماعات والجلوس في المساجد بعد الصلوات وإسباغ الوضوء عند الكريهات. قال: وما الدرجات؟ قلت: إطعام الطعام ولين الكلام والصلاة والناس نيام، قال: سل، قلت: اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت فتنة بقوم فتوفني غير مفتون، وأسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربني إلى حبك-وقال رسول الله ﷺ-إنها حق فادرسوها وتعلموها» فهو حديث المنام المشهور، ومن جعله يقظة فقد غلط وهو في السنن من طرق، وهذا الحديث بعينه قد رواه الترمذي من حديث جهضم بن عبد الله اليمامي به، وقال:
حسن صحيح وليس هذا الاختصام هو الاختصام المذكور في القرآن فإن هذا قد فسر، وأما الاختصام الذي في القرآن فقد فسر بعد هذا وهو في قوله تعالى:
هذه القصة ذكرها الله ﵎ في سورة البقرة وفي أول سورة الأعراف وفي سورة الحجر وسبحان والكهف وهاهنا وهي أن الله ﷾ أعلم الملائكة قبل خلق آدم ﵊ بأنه سيخلق بشرا من صلصال من حمأ مسنون وتقدم إليهم بالأمر متى فرغ من خلقه وتسويته فليسجدوا له إكراما وإعظاما واحتراما وامتثالا لأمر الله ﷿ فامتثل الملائكة كلهم ذلك سوى إبليس ولم يكن منهم جنسا. كان من الجن فخانه طبعه وجبلته أحوج ما كان إليه فاستنكف عن السجود لآدم وخاصم ربه ﷿ فيه وادعى أنه خير من آدم فإنه مخلوق من نار وآدم خلق من طين والنار خير من الطين في زعمه، وقد أخطأ في ذلك وخالف أمر الله