للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[سورة الصافات (٣٧): الآيات ٨٨ إلى ٩٨]]

﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (٨٨) فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ (٨٩) فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ (٩٠) فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ (٩١) ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ (٩٢) فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ (٩٣) فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (٩٤) قالَ أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ (٩٥) وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ (٩٦) قالُوا اِبْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (٩٧) فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ (٩٨)

إنما قال إبراهيم لقومه ذلك ليقيم في البلد إذا ذهبوا إلى عيدهم فإنه كان قد أزف خروجهم إلى عيد لهم فأحب أن يختلي بآلهتهم فيكسرها فقال لهم كلاما هو حق في نفس الأمر فهموا منه أنه سقيم على مقتضى ما يعتقدونه ﴿فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ﴾ قال قتادة والعرب تقول لمن تفكر نظر في النجوم، يعني قتادة أنه نظر إلى السماء متفكرا فيما يلهيهم به فقال ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾ أي ضعيف فأما الحديث الذي رواه ابن جرير (١) هاهنا حدثنا أبو كريب حدثنا أبو أسامة حدثني هشام عن محمد عن أبي هريرة أن رسول الله قال: «لم يكذب إبراهيم غير ثلاث كذبات: ثنتين في ذات الله تعالى، قوله ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾ وقوله ﴿بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا﴾ وقوله في سارة هي أختي» (٢) فهو حديث مخرج في الصحاح والسنن من طرق ولكن ليس هذا من باب الكذب الحقيقي الذي يذم فاعله حاشا وكلا وإنما أطلق الكذب على هذا تجوزا وإنما هو من المعاريض في الكلام لمقصد شرعي ديني كما جاء في الحديث «إن المعاريض لمندوحة عن الكذب» (٣) وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن علي بن زيد بن جدعان عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: قال رسول الله في كلمات إبراهيم الثلاث التي قال ما منها كلمة إلا ما حل بها عن دين الله تعالى: ﴿فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ﴾ وقال ﴿بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا﴾ وقال للملك حين أراد امرأته هي أختي. قال سفيان في قوله ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾ يعني طعين وكانوا يفرون من المطعون فأراد أن يخلو بآلهتهم، وكذا قال العوفي عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ﴾ فقالوا له وهو في بيت آلهتهم: اخرج فقال إني مطعون فتركوه مخافة الطاعون.

وقال قتادة عن سعيد بن المسيب رأى نجما طلع فقال ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾ كابد نبي الله عن دينه ﴿فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ﴾ (٤). وقال آخرون ﴿فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ﴾ بالنسبة إلى ما يستقبل يعني مرض


(١) تفسير الطبري ١٠/ ٥٠١.
(٢) أخرجه البخاري في الأنبياء باب ٨، والنكاح باب ١٢، ومسلم في الفضائل حديث ١٥٤، وأبو داود في الطلاق باب ١٦، والترمذي في تفسير سورة ٢١ باب ٣، وأحمد في المسند ٢/ ٤٠٣.
(٣) أخرجه البخاري في الأدب باب ١١٦.
(٤) تفسير الطبري ١٠/ ٥٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>