وهكذا روي عن ابن عباس ومجاهد وغير واحد أنها نزلت في الجد بن قيس، وقد كان الجد بن قيس هذا من أشراف بني سلمة. وفي الصحيح أن رسول الله ﷺ قال لهم:«من سيدكم يا بني سلمة؟» قالوا: الجد بن قيس على أنا نبخله. فقال رسول الله ﷺ«وأي داء أدوأ من البخل! ولكن سيدكم الفتى الجعد الأبيض بشر بن البراء بن معرور» وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ﴾ أي لا محيد لهم عنها ولا محيص ولا مهرب.
يعلم ﵎ نبيه ﷺ بعداوة هؤلاء له لأنه مهما أصابه من حسنة أي فتح ونصر وظفر على الأعداء مما يسره ويسر أصحابه ساءهم ذلك ﴿وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ﴾ أي قد احترزنا من متابعته من قبل هذا ﴿وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ﴾ فأرشد الله تعالى رسول الله ﷺ إلى جوابهم في عداوتهم هذه التامة فقال: ﴿قُلْ﴾ أي لهم ﴿لَنْ يُصِيبَنا إِلاّ ما كَتَبَ اللهُ لَنا﴾ أي نحن تحت مشيئته وقدره ﴿هُوَ مَوْلانا﴾ أي سيدنا وملجؤنا ﴿وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ أي ونحن متوكلون عليه وهو حسبنا ونعم الوكيل.
يقول تعالى: ﴿قُلْ﴾ لهم يا محمد ﴿هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا﴾ أي تنتظرون بنا ﴿إِلاّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ﴾ شهادة أو ظفر بكم قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم ﴿وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ﴾ أي ننتظر بكم ﴿أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا﴾ أي ننتظر بكم هذا أو هذا إما ﴿أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا﴾ بسبي أو بقتل ﴿فَتَرَبَّصُوا إِنّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ﴾ وقوله تعالى: ﴿قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً﴾ أي مهما أنفقتم من نفقة طائعين أو مكرهين ﴿لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ﴾.
ثم أخبر تعالى عن سبب ذلك وهو أنهم لا يتقبل منهم لأنهم ﴿كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ﴾ أي والأعمال إنما تصح بالإيمان ﴿وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاّ وَهُمْ كُسالى﴾ أي ليس لهم قصد صحيح