للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا أبت ما أيسر ما طلبت، ولكني أتخوف مثلما تتخوف، فلا أستطيع أن أعطيك شيئا، ثم يتعلق بزوجته فيقول: يا فلانة، أو يا هذه أي زوج كنت لك؟ فتثني خيرا، فيقول لها: إني أطلب إليك حسنة واحدة تهبينها لي لعلي أنجو بها ممن ترين، قال: فتقول: ما أيسر ما طلبت، ولكني لا أطيق أن أعطيك شيئا، إني أتخوف مثل الذي تتخوف.

يقول الله تعالى: ﴿وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها﴾ الآية، ويقول : ﴿لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً﴾ [لقمان: ٣٣] ويقول تعالى: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾ [عبس: ٣٦] رواه ابن أبي حاتم عن أبي عبد الله الطهراني عن حفص بن عمر عن الحكم بن أبان عن عكرمة به.

ثم قال : ﴿إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ﴾ أي إنما يتعظ بما جئت به أولو البصائر والنّهى، الخائفون من ربهم، الفاعلون ما أمرهم به ﴿وَمَنْ تَزَكّى فَإِنَّما يَتَزَكّى لِنَفْسِهِ﴾ أي ومن عمل صالحا فإنما يعود نفعه على نفسه ﴿وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ﴾ أي وإليه المرجع والمآب، وهو سريع الحساب، وسيجزي كل عامل بعمله إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.

[[سورة فاطر (٣٥): الآيات ١٩ إلى ٢٦]]

﴿وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ (١٩) وَلا الظُّلُماتُ وَلا النُّورُ (٢٠) وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ (٢١) وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلا الْأَمْواتُ إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (٢٢) إِنْ أَنْتَ إِلاّ نَذِيرٌ (٢٣) إِنّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاّ خَلا فِيها نَذِيرٌ (٢٤) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ (٢٥) ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (٢٦)

يقول تعالى: كما لا تستوي هذه الأشياء المتباينة المختلفة كالأعمى والبصير لا يستويان، بل بينهما فرق وبون كثير، وكما لا تستوي الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور، كذلك لا تستوي الأحياء ولا الأموات، كقوله تعالى: ﴿أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها﴾ [الأنعام: ١٢٢] وقال ﷿: ﴿مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً﴾ [هود: ٢٤] فالمؤمن بصير سميع في نور يمشي على صراط مستقيم في الدنيا والآخرة حتى يستقر به الحال في الجنات ذات الظلال والعيون، والكافر أعمى وأصم في ظلمات يمشي لا خروج له منها، بل هو يتيه في غيه وضلاله في الدنيا والآخرة حتى يفضي به ذلك إلى الحرور والسموم والحميم، ﴿وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ﴾ [الواقعة: ٤٣ - ٤٤].

وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ﴾ أي يهديهم إلى سماع الحجة وقبولها والانقياد لها.

﴿وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ﴾ أي كما لا ينتفع الأموات بعد موتهم وصيرورتهم إلى قبورهم

<<  <  ج: ص:  >  >>