للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومجاهد ووهب بن منبه وأبو العالية وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم: أنهم اشتروها بمال كثير، وفيه اختلاف، ثم قد قيل في ثمنها غير ذلك، وقال عبد الرزاق: أنبأنا ابن عيينة، أخبرني محمد بن سوقة عن عكرمة، قال: ما كان ثمنها إلا ثلاثة دنانير، وهذا إسناد جيد عن عكرمة والظاهر أنه نقله عن أهل الكتاب أيضا، وقال ابن جرير (١)، وقال آخرون: لم يكادوا أن يفعلوا ذلك خوف الفضيحة إن اطلع الله على قاتل القتيل الذي اختصموا فيه [إلى موسى] (٢) ولم يسنده عن أحد، ثم اختار أن الصواب في ذلك أنهم لم يكادوا يفعلوا ذلك لغلاء ثمنها وللفضيحة، وفي هذا نظر، بل الصواب، والله أعلم، ما تقدم من رواية الضحاك عن ابن عباس على ما وجهناه، وبالله التوفيق.

[مسألة] استدل بهذه الآية في حصر صفات هذه البقرة حتى تعينت أو تم تقييدها بعد الإطلاق على صحة السلم في الحيوان، كما هو مذهب مالك والأوزاعي والليث والشافعي وأحمد وجمهور من العلماء سلفا وخلفا بدليل ما ثبت في الصحيحين عن النبي : «لا تنعت المرأة المرأة لزوجها كأنه ينظر إليها» وكما وصف النبي ، إبل الدية في قتل الخطأ، وشبه العمد بالصفات المذكورة بالحديث، وقال أبو حنيفة والثوري والكوفيون: لا يصح السلم في الحيوان لأنه لا تنضبط أحواله، وحكي مثله عن ابن مسعود وحذيفة بن اليمان وعبد الرحمن بن سمرة وغيرهم.

[[سورة البقرة (٢): الآيات ٧٢ إلى ٧٣]]

﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادّارَأْتُمْ فِيها وَاللهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٧٢) فَقُلْنا اِضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى وَيُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٧٣)

قال البخاري: ﴿فَادّارَأْتُمْ فِيها﴾ اختلفتم، وهكذا قال مجاهد، قال فيما رواه ابن أبي حاتم، عن أبيه، عن أبي حذيفة، عن شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، إنه قال في قوله تعالى:

﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادّارَأْتُمْ فِيها﴾ اختلفتم. وقال عطاء الخراساني والضحاك: اختصمتم فيها، وقال ابن جريج ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادّارَأْتُمْ فِيها﴾ قال بعضهم: أنت قتلتموه، وقال آخرون: بل أنتم قتلتموه، وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسم ﴿وَاللهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ قال مجاهد: ما تغيبون، وقال ابن أبي حاتم: حدثنا عمرو بن مسلم البصري، حدثنا محمد بن الطفيل العبدي، حدثنا صدقة بن رستم، سمعت المسيب بن رافع يقول: ما عمل رجل حسنة في سبعة أبيات إلا أظهرها الله، وما عمل رجل سيئة في سبعة أبيات إلا أظهرها الله، وتصديق ذلك في كلام الله ﴿وَاللهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ. فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها﴾ هذا البعض أي شيء كان من أعضاء هذه البقرة، فالمعجزة حاصلة به، وخرق العادة به كائن، وقد كان معينا في نفس


(١) الطبري ١/ ٣٩٧.
(٢) الزيادة من الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>